Site icon محمد سليمان الأحيدب

الجعجعة والطحن.. القول والعمل

عندما تتحدث الأفعال عن نفسها فإن الفاعل ليس في أدنى حاجة للحديث. وإذا تحدث لمجرد التذكير بما فعل “والمنة لله وحده” فإنه لن يحتاج إلى الإيضاح والتوضيح لأن أعماله واضحة والناس العالمون.

كيف ستكون حالنا لو أن كل مسئول عن قطاع تحدث بإسهاب عن أعمال لم يعلم بها العالمون ولم يشاهدها المبصرون ولم يسمع عنها من ليس به صمم؟!.

بطبيعة الحال فإن النقاد والكتبة سوف يتساءلون عن شيء لم يشاهدوه وسوف يعلقون ويبدون الملاحظات خاصة عندما يكون ما ذكر خلاف ما يعيشونه ويعانونه مع أبنائهم.

وكيف ستكون حال الصحف لو أفردت صفحة أو نصف لكل مسئول لكي يصر على أنه فعل شيئاً لم يشاهده غيره؟!.

ستكون صحفنا لوحات إعلان عن أشياء غير مرئية وهذا بالنسبة للناس أمر غير مستحب أو ربما يصل إلى درجة البغيض.

كم هو جميل أن ندع أفعالنا تتحدث عن نفسها ولا ضير أن نعرف الناس بها إذا كانت من فئة الخدمات أو الفرص التي قد لا يعلم عن توفرها نسبة بسيطة من الناس ويتيح لهم الإعلام الاطلاع عليها للاستفادة منها.

أما ما يتعلق بتغيير النهج أو السياسات لخدمات أساسية قائمة وتعتبر جزءاً من حياتنا كالتعليم أو الصحة فإن أي إضافة فيها سيلمسها الناس ويتحدثون عنها قبل أن يتحدث فاعلها وإذا لم يرها الناس فإنها غير موجودة أصلاً، أو لم تكتمل بعد، أو هي مجرد حلم لا يجب الاستعجال في تفسيره، فحتى الأحلام إذا طالت وطولت وكثر فيها الحديث فإنها لا تعدو أضغاث أحلام لا تستحق التفسير.

ثم ماهي هذه الإسطوانة الجديدة التي بدأ البعض في ترديدها عندما يوجه النقد إلى وزارة أو قطاع والمتمثلة في القول بأن العاملين في هذه الوزارة من وكلاء ومساعدين ومدراء عامين ساءهم أنهم يعملون دون كلل أو ملل ثم لا يقدر الإعلام عملهم وأنهم شعروا بالإحباط فطلبوا من رئيسهم إنصافهم من النقاد ومن الكتاب؟!.

هؤلاء إذا كانوا قد عملوا ولم تظهر نتائج عملهم في صورة إنجاز ملموس يراه الناس فإن عليهم أن يكتفوا بتقدير رئيسهم المباشر “إذا كان قد رأى عملهم” أو أن ينتظروا النتائج وتقدير الناس لما أنجزوه فعلاً وليس من حقهم لوم المجتمع ممثلاً في إعلامه الناطق بنبضه إذا طالبهم بتحسين خدمة أساسية يعيشها كل لحظة ودقيقة ويعتمد عليها في تنشئة أجياله القادمة.

إن العبرة في كل عمل بنتائجه، وكل عامل مهما رقى في درجته ومرتبته الوظيفية يعمل بمقابل يوازي أو يزيد على ما قدم من جهد، بل كلما ارتقى الموظف إلى المراتب العليا كلما زاد أجره ومميزاته عن حجم جهده والمنة لله وحده ثم لهذا الوطن الذي يمثل المواطن لبنته الأساسية ويمثل الإعلام نبض هذه اللبنة.

وعندما يحول الإعلام هذا النبض إلى صوت مسموع فإن هذا هو عين العدل.

Exit mobile version