Site icon محمد سليمان الأحيدب

هل أوكلتم امرأة لركلهن؟!

حقيقة لا أدري لماذا تركز البلديات الفرعية بكل ما أوتيت من مراقبين وعمال وسيارات على أضعف خلق الله وأقلهم فرصاً وقدرات وأعجزهم حيلة، ألا وهن النساء اللاتي يفترشن الأرض في أي مساحة متاحة قرب الأسواق العامة ويمارسن البيع أملا في ربح يسير يكفي بالكاد لتأمين لقمة يعدن بها الى منازل يملأها الأيتام الجياع؟!

لقد أثبتت الدراسات انه ما من شيء أشرس وأقوى من اندفاع الأنثى في كل أنواع الحيوانات لتأمين لقمة صغارها فما بالكم بأنثى الانسان، حينما تجد نفسها وقد باتت وحيدة بسبب موت زوجها أو سجنه أو تخليه عنها وعليها تأمين ما يسد رمق صغارها في وجبة واحدة يتناولونها ليلاً بعد عودتها.

كيف تريدون لهذه الأنثى المندفعة بحثاً عن العيش أن تؤمّن قوت عيالها؟! لا تتوفر لها فرص عمل وإن تسولت سجنت!! وإن باعت ركلت وصودرت بضاعتها وعلينا أن نعترف أنها لا تحظى حتى الآن بفرص رعاية اجتماعية منظمة وسريعة تؤمن لها ما يسد الرمق.

أي طريق تريدون من هؤلاء النسوة الاندفاع اليه بقوة أنثى تريد تأمين لقمة لزغب الحواصل، إذا أوصدتم أمامها أبواب الرزق الحلال؟!

إذا رجعنا الى الصور التراثية القديمة لبلادنا ومنها العاصمة الرياض فانه ما من لوحة لرسام أو صورة فوتوغرافية تجسد واقع الأسواق القديمة إلاوتجد فيها الباعة الذين يفترشون الأرض سواء من النساء او الرجال يشكلون أجمل ما في اللوحة أو الصورة.

هؤلاء الباعة ليسوا ورماً سرطانياً أبتليت به الأسواق مؤخراً كما يدعي البعض، هم جزء من تراثنا وماضينا الذي تأسس على اتاحة الفرص بالتساوي للجميع، فلماذا لم نخطط لهن أماكن خاصة منظمة ضمن مخططات الأسواق وفي عربات عرض أنيقة تتوسط ممرات الأسواق مثلما يحدث في دول أقل حرصاً منا على المساواة؟!

وعندما فشلنا في هذا التخطيط لماذا ينعكس فشلنا في صورة ركل ورفس لبضائعهن ومصادرتها من قبل مراقب بلدية جائر، خرج للتو من عدد من المطاعم والمحلات الكبرى المخالفة وقد أغمض عينيه!! ليفتحها جاحظة أمام أضعف خلق الله انساناً.

لماذا يوكل التعامل مع هؤلاء النسوة الى هؤلاء الرجال الأفظاظ؟! لماذا نسمح بأن يتكرر أمام مشاعر الناس وعين الناقد منظر مجموعة نساء ضعاف يطاردهن أسد البلدية الذي كان للتو نعامة في سلسلة المطاعم والأسواق؟!

أعجبني التحقيق الرائع في جريدة “الرياض” عن هذه القضية والذي نشر اول من أمس الاثنين وابدع الزميل محمد السهلي في متابعة أحداثه وطرح أسئلة منطقية عن أسباب التركيز على هؤلاء النسوة دون غيرهن وأبدع الزميل سليمان العنزي في التقاط صور معبرة لهذه المعاناة رغم المنع.

ولقد لفت نظري الموقف الغريب لرئيس البلدية الأخ فهد أبوعباة الذي رفض مقابلة البائعات وسماع شكواهن بحجة أن عليهن توكيل رجل ينوب عنهن لمناقشة وضعهن مع البلدية وكأني بالأخ أبوعباة يريد ان يحملهن مزيداً من المصاريف ويتعرضن الى بند آخر من بنود الاستغلال فمن أين سيدفعن أتعاب هذا الوكيل؟!

ثم أود من الأخ رئيس البلدية أن يجيب على هذا السؤال غداً أو في أسرع وقت:

ـ عندما قررت ركل بضائعهن وملاحقتهن وسحب البساط من تحتهن، هل أوكلت امرأة لتنوب عن البلدية في التعامل معهن وركلهن أم أرسلت رجلاً يهيّجه لون البساط الأحمر؟!

دعونا في كل لحظة نتذكر بكاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمام المرأة التي كانت تحاول تنويم أطفالها بطبخة وهمية علنا نشعر بشيء من المسؤولية عما يحدث للجياع.

Exit mobile version