Site icon محمد سليمان الأحيدب

وزارة الاختبارات

أكثر من خمسة أخبار يومية في كل صحيفة مصدرها وزارة المعارف وجميعها تتحدث عن الاختبارات، بعضها يتحدث عن قرب الامتحانات والاستعدادات لها وإعداد القاعات والآخر عن جولات لتفقد صالات الامتحانات واخرى عن تسرب الاسئلة واستخدام الاسئلة البديلة التي لابد أن تحظى بموافقة الوزير “أكبر اداري يتربع الهرم التعليمي” ثم حديث كثير عن خروج الاسئلة عن المنهج، وشكاوى وتوسلات لمعالي الوزير “بالشفقة” و”الرحمة” في التصحيح!!، ثم تصريح وزاري يتناول نتائج التصحيح الأولية وان الدرجات عالية وان الاسئلة كانت في متناول الطلاب، وليس كما أشير الى أنها خارج المنهج، ثم استدراك يناقض نفسه، حيث أشير إلى أن الفقرات الصعبة أو التي “ليست في المنهج” سوف توزع درجاتها على أسئلة أخرى.

كل هذه الأحاديث والتصاريح اليومية من أعلى المستويات تتناول أكثر الأحداث المحلية جدلاً وأشهرها على الاطلاق هذه الأيام ألا وهي “الاختبارات”!! لكنك لو عدت بالذاكرة بضع سنين وليس أشهر لوجدت ان وزارة المعارف ادّعت أكثر من مرة انها أزالت رهبة الامتحان أو أن الرهبة في طريقها للزوال!! أي رهبة وأي ضجة تثار أو أثيرت حول الامتحانات أكثر من هذا العام؟! وهل ثمة دلالة تثبتها هذه الضجة أكثر من أن الوضع في هذا الصدد، على أقل تقدير، يزداد سوءاً عاماً بعد عام؟!

كانت دلالات رهبة الامتحانات لا تعدو كونها استنفارا أسريا لمواجهة الحدث بالسهر والحمى والشكوى من انقطاع الكهرباء وجشع المدرسين الخصوصيين وزيادة استهلاك الشاي ووقف الزيارات والعلاقات الاجتماعية.

أما اليوم فإن رهبة الاختبارات أخذت أبعاداً خطيرة جداً، فقد وصل الحد بالطلاب والطالبات إلى الشك الشبيه بالجزم أن الهدف من صعوبة الاسئلة هو الحد من التخرج لتقليل الضغط على الجامعات؟! لم تتسبب الاختبارات في أزمة ثقة بين الطالب والوزارة إلى هذا الحد من قبل!!”

لقد أدت رهبة الاختبارات إلى استنفار جهات أخرى لم تكن تستنفر من قبل، مثل مكافحة المخدرات التي أصدرت أكثر من تحذير وتهديد بتناول حبوب “الكبتاغون” والمسهرات الأخرى. فهل أعظم من رهبة تؤدي إلى طريق الهلاك؟!

إدارات البريد تعلن حالة الاستنفار وإعداد “خطة منظمة” لاستقبال طرود أجوبة أسئلة الثانوية العامة وترحيلها للمدن الرئيسية!!

لم يبق شيء لم نقرأه في هذا الخصوص إلا اعلان المستشفيات إخلاء عدد من الأسرة وتجهيز غرف الطوارئ بأطباء متخصصين في إسعاف ضحايا الاختبارات وتنويم عدد منهم!!.

هل بعد هذا كله يمكن لوزارة المعارف القول بأنها عملت على إزالة رهبة الاختبار؟! وإذا قالت، ألا يحق لنا القول بأننا نسمع جعجعة ولم نر طحناً؟!

إنني أعتقد جازماً ان مطالبة معالي وزير المعارف المعلمين بأن يعلموا أبناءنا “لغة الحوار” تأتي مبكرة جداً لأنهم إذا تعلموا لغة الحوار فإن حوارنا معهم سيكون صعباً للغاية، إلا إذا كان المقصود بالحوار رضيع الناقة!!.

Exit mobile version