Site icon محمد سليمان الأحيدب

البرفسورالوحيد

البرفسور لقب علمي بحت يفترض أن يتداول في الأوراق البحثية المتخصصة وفي المجلات العلمية والمؤتمرات إذا لزم الأمر، لأن مولد هذا اللقب يتم في أروقة الجامعات ويمنح لكل من وصل إلى درجة أستاذ، بعد أن حصل على شهادة الدكتوراه وتدرج في سلك التعليم الجامعي وترقى بموجب أبحاثه وتحقيقه لمتطلبات الترقية حسب اللوائح من أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك ثم أستاذ.

أعداد من حصلوا على هذا الشرف من أساتذة الجامعات لدينا كثر بل هم كثيرون جداً، لكنهم لا يستخدمون لقب “برفسور” في غير محله وأعني مثلاً في الإعلام!!

ولأن لكل قاعدة شواذ فإن قلة قليلة يحرصون على ترسيخ هذا اللقب عند ظهورهم الإعلامي، حتى أصبح يتكرر في الإعلام المقروء والمرئي والمسموع عن شخص أو اثنين، وكأن هذا البلد الزاخر بالمؤهلات والقدرات ليس فيه إلا برفسور واحد.

هذا السلوك لا ننتقده لأننا نمقت حرص البعض على استغلال غفلة الإعلام لتزيين ذاته بألقاب يرفض غيرها استخدامها في غير محلها كما يفعل هو، ولا نستنكر هذا السلوك حسداً لمستخدمه، لكننا نرى في هذا الاستغلال لسطحية بعض الإعلاميين إضراراً بالصورة العامة للوطن لأن ما يحدث يصور الوطن وكأنه “وحيد البرفسور” وهو ليس كذلك، ويميز شخصاً على أقرانه ممن هم أقدم منه في هذا الشرف لمجرد أنه خالف القاعدة ونجح في استغلال الغفلة لإيهام الآخرين بتميزه وهو غير مميز!!

تلك ليست هي الأسباب الوحيدة، فالموضوع تعدى مجرد إرضاء هوى النفس بإشباع رغبة التزين بالألقاب إلى الحصول على مميزات مادية مصدرها إيهام الناس بالتميز، ففي هذا الزمن تتسابق المستشفيات الخاصة مثلاً على استقطاب بعض أساتذة كليات الطب، ورغم أن عدداً كبيراً منهم هم في الواقع سواسية في مجال اللقب العلمي “أي أنهم أساتذة جامعة، استشاريون في مجال تخصصهم الطبي” إلا أن استخدام قلة منهم لكلمة “برفسور” إعلامياً يجعل إقبال المستشفيات الخاصة على هذه الفئة أكبر بكثير ويغدقون عليهم في العطاء ليس جهلاً بحقيقة أنهم سواء مع غيرهم في هذا اللقب، ولكن لعلمهم أن استخدامه إعلامياً مصدر جذب للمرضى الذين لا يدركون حقيقة غياب التميز، وبذلك فإن هذا الاستخدام غير المنطقي يطال ضرره العامة في شكل استغلال واضح وتغرير يسهم فيه الإعلام بشكل كبير.

الطريف أن تعريب هذا اللقب هو “الأستاذ الدكتور” ويرمز له بـ(أ.د) لكن هذا التعريب لا يشبع رغبة الباحث عن البهرجة الإعلامية لأن كلمة “أستاذ” اشتهر استخدامها الخاطئ في الإشارة إلى كل (مدير) أو (أديب) أو (كاتب) فأصبحت أقرب إلى غير المؤهل أكاديمياً منها إلى ما بعد الدكتوراه!!، لذا فإن ارتداء حلة “البرفسور” أحب إلى من يحب نفسه من نفسه!!

Exit mobile version