Site icon محمد سليمان الأحيدب

أقراص الموت.. حذار من المختبرات التجارية

رفعت وزارة الصحة للمقام السامي مقترحاً بتشديد الرقابة على الأدوية في المملكة وكان تجاوب مجلس الوزراء سريعاً وداعماً لهذا التوجه مؤكداً على تفعيل النظام الرقابي على الأدوية أثناء تسويقها وسرعة إكمال برنامج جودة الدواء المعني بمتابعة الدواء أثناء تسويقه والتأكد من جودته وصلاحيته والتأكيد على ضرورة تحليل عينات عشوائية منه قبل وصوله للمستهلك وعدم التوسع في فتح المنافذ التي يسمح من خلالها بدخول الأدوية والمستحضرات الصيدلانية بكميات تجارية، وكشف معالي وزير الصحة عن مشاركة جهات رقابية إضافة لوزارة الصحة للتصدي لظاهرة الأدوية المغشوشة عالمياً متمثلة في وزارة التجارة والداخلية وهيئة المواصفات والمقاييس والجمارك ووزارة المالية. هذا حسب ما ورد في خبر نشر في جريدة “الرياض” يوم الخميس 7جمادى الآخرة 1423هـ.

وموضوع الغش في الأدوية، خاصة من حيث نقص أو انعدام المواد الفعّالة مشكلة عالمية تتصيد فيها الشركات الكبرى والصغرى على حد سواء الدول الفقيرة أو تلك التي لا تملك خطوط دفاع قوية وفعّالة لكشف هذا الغش. وعندما أؤكد على أن الشركات الكبرى تمارس هذا الغش رغم شهرتها فهو أمر ليس بالجديد فقد فضحت عدة إصدارات وكتب شركات كبرى ومشهورة تروج لأدوية لا تحتوي على المادة الفعّالة بالتركيز المطلوب أو لا تحتويها مطلقاً، ولعل أحد أشهر هذه الكتب كتاب يؤكد على أن أكثر من عشرين شركة كبرى أمريكية تمارس هذا الغش بأدوية لا تعمل مطلقاً.

لسنا في صدد البعد الصحي أو الاقتصادي لخطورة هذا الغش فالحديث فيه يطول ولكن ما يهمنا هنا هو كيف نحصن أنفسنا ضده؟!

إن خط الدفاع الرئيس والأمثل والمقلق لكل شركة أو وكيل تسوّل له نفسه الغش في الدواء هو المختبر المركزي بوزارة الصحة وأول الخطوات الجادة لوقف هذه الممارسات هو دعم هذا المختبر بأكثر من ثلاثة أضعاف إمكاناته المالية والبشرية والآلية ليصبح قادراً على تحقيق طموحات القائمين عليه لكن الإمكانيات الحالية لمختبراته لا تكفي للقيام بالعبء الحالي الذي يشكل ربع الحلم.

جميل أن تتكاتف الجهات الحكومية ممثلة في الجهات التي ذكرها وزير الصحة للحد من دخول أدوية مغشوشة ولكن حذار من فكرة مختبرات تجارية تحلل الدواء!! وهو ما شاع مؤخراً وأرجو أن لا يكون صحيحاً لأن الغش في الدواء أخطر وأكثر هدراً صحياً واقتصادياً من أن نعهده إلى “تاجر” ويكفينا ما يحدث من ممارسات تجارية في مجال المستشفيات رغم وضوح قواعد وأسس أخلاقيات مهنة الطب والقسم العظيم ورغم كونها تمس جسد إنسان فما بالك بمن يتعامل مع الجماد.

إن الغش في مجال الدواء إذا أوكل كشفه لجهة تجارية معتمدة فإنه سيصبح غشاً تحت مظلة قانونية وعندها ستكون الخطورة أكبر وأمن العقوبة هو السائد وخط الرجعة صعب للغاية.

قد يقول أحد المتأمركين أن المختبرات في أمريكا وأوروبا تجارية وهنا يجب أن لا ننخدع بالمقلد الأعمى فهذه دول لديها بنية تحتية صلبة من الجهات الرقابية التي تسلط مجاهرها على تلك المختبرات ولديها عقوبات صارمة لا تعرف التستر والرأفة والاستثناءات، وقد نحتاج إلى أضعاف مضاعفة من المبالغ والكوادر والأجهزة والنظم والإجراءات لكي نقلدها وهنا فإنه من الأجدى لنا أن نوظف هذه المبالغ والجهود في تطوير مختبرنا الحكومي ونقوي شوكته وإمكاناته ليصبح قادراً على تحليل عينات عشوائية من كل دواء أو مستحضر طبي يدخل المملكة وليس فقط الوزارة أو المناقصات الحكومية ونضاعف العقوبة عند كشف الغش وعندها فقط ستحسب الدول ألف حساب لما يُصدَّر إلى هذا الوطن.

Exit mobile version