Site icon محمد سليمان الأحيدب

القطاع منزوع الثقة

عدد كبير من المواطنين من غير موظفي الجهات الحكومية ساءهم ما ورد ضمن شروط التقديم على الوظائف التعليمية النسوية فيما يختص بإثبات أن المواطنة المتقدمة تقيم في نفس مقر الوظيفة المعلنة حيث جاء ضمن طرق إثبات هذه الإقامة أن يكون ولي أمر المتقدمة يعمل بجهة حكومية “بصفة دائمة”.

هذا التحديد اعتبره بعض المواطنين تفريقاً بين المواطن من موظفي الجهات الحكومية وأخيه من موظفي القطاع الخاص وتشكيكاً في أن موظف القطاع الخاص هو مواطن من الدرجة الثانية.. إلى آخر ما جاء في هذا الصدد.

والحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع أن الأمر لا يتعلق بالمواطنة وانتماء الموظف، الأمر برمته مثال من ضمن أمثلة كثيرة على أن القطاع الخاص أو القطاع التجاري لا يحظى بثقة المؤسست الحكومية لكثرة ما يحدث منه من ممارسات ومخالفات، لكن الغريب أن الجهات الحكومية لا تثق في المستندات الصادرة من جهة تجارية أو أهلية مثل إثبات الوظيفة أو التقارير الطبية او الكفالة وخلافه لكنها في الوقت نفسه تثق في هذا القطاع ثقة عمياء فيما يخص أشياء أهم من مجرد الورق.

تثق في هذا القطاع التجاري على صحة المواطن وعلى تعليمه وتوظيفه. وهذه وربي ازدواجية غريبة.

كيف لا أثق في تعريف مستشفى بأن فلان أحد موظفيه الدائمين وأنا أمنح ثقة تامة لهذا المستشفى في علاج فلان وإجراء العمليات الجراحية له وفتح جيبه قبل بطنه؟!!

كيف لا أقبل ورقة من مدرسة أهلية بأن فلان يعمل بها وأنا أقبل بها كدار لتعليم مئات بل آلاف الطلبة مع كل ما يرافق إمضاءهم الوقت فيها من تبعات؟!!

أرجو أن لا يفهم مما ذكرت أنني أطالب الجهات الحكومية بمنح مزيد من الثقة لمؤسسات القطاع الخاص فأنا (وبحكم تجربة ومتابعة) آخر من يمكن أن يطالب بمنح مثل هذه الثقة، بدليل أنني كنت ولازلت أردد التحذير من الموافقة على إنشاء مختبرات أهلية لتحليل الأدوية الواردة إلى المملكة والتي ستصبح مرجعاً للسماح بإفساح الأدوية وهو أمر خطير لا يصح منح الثقة فيه لقطاع لا يخضع لرقابة صارمة وقوية وهو ايضاً يدرك جيداً ضعف الرقابة مما يجعل الخطر أكبر!!.

ما أود أن يفهم مما قصدته وأقصده الآن هو: لماذا نمنح الثقة للقطاع الخاص عندما نعجز عن مراقبته أو لا نملك القدرة على اكتشاف زيفه؟! وهو ما يحدث الآن من إعطائه كامل الثقة في مجالي التعليم والصحة فإذا كنا نخشى حيل هذا القطاع ولا نقبل من مستشفياته تقرير إجازة مرضية أو شهادة بأن فلاناً موظف فيه لأن هذا القطاع قد يمارس الغش أو يمنح الشهادة لغير مستحق أو الإجازة المرضية لغير مريض فكيف نمنحه الثقة فيما هو أهم بذلك وأخطر ألا وهو صحة المواطن، تعليم المواطن، تحليل الأدوية، وتوظيف المواطن.

أعلم أن الإجابة هي “لأننا لا نستطيع مراقبته في هذه الأمور ولا نستغني عنه فيها” وهنا أقل: إذاً لنعمل على تكثيف الرقابة وتشديد العقوبة فهذا هو الحل الأمثل لكل مشاكلنا في هذا الخصوص والتي تلعب فيها الثقة الإجبارية الدور الوحيد لأن جهازنا الرقابي لم يستطع مجاراة تطور القطاع الخاص الذي زاد حجمه ومهامه وأنشطته أضعافا مضاعفة بينما بقيت جهات الرقابة سواء في الصحة أو التعليم أو القطاعات الأخرى كما كانت منذ عشرين سنة، نفس الأعداد نفس القدرات نفس الإمكانات.

كل ما نمارسه الآن هو الازدواجية بعينها والتي يمكن اختصارها بعبارة “منح الثقة عند العجز، سحب الثقة عند المقدرة” والضحية لهذا الوضع هو موظف القطاع الخاص وليس المالك!!.

Exit mobile version