عربياً وفي الماضي القريب كانت الشائعات وأحاديث المجالس هي المصدر الأول والوحيد للأخبار وكانت الساعات التي تسبق دخول الضيوف لصالة الطعام في أي مناسبة أو ساعات السمر الطويلة حول النار هي منتديات تحليل الشائعات وتفسيرها.
كان لذلك الزمن ولتلك المنتديات أسماء لامعة في مجال خلق الشائعة وأسماء أخرى متخصصة في تحليلها وإعطاء التفسيرات والمبررات، لم يكن هناك ثمة متطلبات أو مؤهلات لكي تصبح سيد مجلس والصوت الرنان فيه سوى أن تكون قريباً أو جاراً لسائق هام أو حامل دلة “قالط” وأن تجيد تصفيف الكلام ولديك خيال واسع يجيد نسج الأحداث، ثم الربط بينها ونسبها إلى مصدر مسئول.
كانت تلك الأحاديث وجلسات السمر هي التي تؤجج المشاعر وتنشر الشائعات وتحور الأخبار وتحدد موقف الأفراد والجماعات من شخص ما أو حكومة عربية.
استغرق العرب أو بعضهم وقتاً طويلاً جداً لكي يدركوا أن الشفافية والوضوح والمصارحة أولاً بأول هي العلاج السحري السريع والفعال لقطع الطريق أمام شائعات وتحليلات المجالس ونقل التحكم بمشاعر الناس وردود أفعالهم من فرسان المجالس إلى مجالس الفرسان.
بل إن بعض العرب تأخر كثيراً في إدراك أهمية الشفافية عبر الإعلام الرسمي أو الإعلام النظامي المصرح له إلى أن جاء إعلام “الإنترنت” بمئات المواقع وآلاف الفرسان وأصبح هو سيد المجلس.
أصبح الخبر يرد في “الإنترنت” أولاً ويتم تداوله والتعليق عليه ثم يفكر صحفي رسمي أو محترف في إيراد سؤال للتأكد من صحة مايشاع، وإذا جاءت الإجابة “بنعم” فإن مواقع “النت” التي أوردت الخبر أو ناقشته تكسب ثقة آلاف المتصفحين.
هذه المرة إذا لم يتم التعامل مع شائعات “النت” بضخ قدر كبير من الشفافية والوضوح ومسابقة مواقع الشبكة في إيراد الخبر بصورته الصحيحة دون انتظار لحظة واحدة، ثم تعليله والتعليق عليه ومتابعة ماتم حوله أولاً بأول، فإن مواقع الشبكة العنكبوتية سوف تصطاد آلاف المتلقين الواثقين والذين يصعب تغيير انطباعهم عن الشبكة حتى لو ورد فيها مايصعب أو يستحيل تصديقه.
إن الشفافية والمصارحة دون تحفظ هما السلاح الوحيد لكسب الحرب مع الشائعات والحد من اللجوء إلى منتديات ومواقع الشبكة بحثاً عن الخبر اليقين.