Site icon محمد سليمان الأحيدب

عيب يحرج الآخرين

رغم أن موضوع إعلان الطبيب عن نفسه كُتب عنه الكثير داخلياً ورغم أنه على المستوى الخارجي أمر مفروغ منه من حيث الرفض التام له ضمن أُسس أخلاقيات المهنة ونظم وقوانين المؤسسات المهنية والعملية والتي تركز على أنه لا يحق للطبيب أن يغري العامة بالإعلان عن نفسه أو أن تعلن عنه المؤسسة أو المستشفى الذي يعمل به.

رغم كل هذه الحيثيات إلا أن الإعلان عن الطبيب عندنا يأخذ أشكالاً وصيغاً وتعداداً غريباً غير مسبوق يفوق الإعلان عن أي سلعة أو منتج من حيث التعداد وصيغ المبالغة.

إذا قلنا إن الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الصحة تجد لنفسها الأعذار من ضعف الإمكانات الرقابية وتلك المعنية بالمتابعة فأي رقابة وأي متابعة تحتاجها مخالفة معلنة تتصدر صفحات الصحف والمجلات والمتمثلة في مستشفيات خاصة أو عيادات تعلن عن اطبائها من الداخل والخارج وكأن الواحد منهم فريد زمانه في مجال تخصصه دون رادع أو رقيب؟!.

الموضوع برمته شاهد أكيد على أن المشكلة لا تكمن في ضعف الإمكانات البشرية أو المادية بل إن مربط الفرس هو في عدم الرغبة أو بصورة أوضح غض الطرف عن تلك المخالفة!!.

الطريف المحزن في الموضوع أن ضرر هذا السلوك المشين لم يقتصر علينا نحن وعلى مرضانا بل تعدى ذلك ليصبح مشكلة تؤرق المؤسسات والجهات التي جاء منها ذلك الطبيب سواء من الداخل أو الخارج فالطبيب أصبح يرفق الإعلانات المبالغ فيها ضمن سيرته الذاتية رغم ما فيها من مبالغات وخداع وإطراء يعلم الطبيب نفسه وهو أول من يعلم أنه غير صحيح لكنه يستخدمه ضمن ملف السيرة الذاتية لإحراج الجهة التي يعمل فيها أو التي سوف ينتقل إليها للاستجابة لطلباته كشخص أصبح “فلتة زمانه” في نظر المملكة بل في نظر تجارها ووزارة الصحة فيها.

ولأن المملكة من الدول المشهود لها بتقدم مهنة الطب والسبق في مجالات عدة فإن من الصعب أن تقنع كائناً من كان أن هذا البلد متقدم في مجال الرعاية الصحية والإجراءات الطبية لكنه متأخر جداً إلى درجة التخلف في مجال النظم الطبية!!

من الصعب جداً أن يتخيل شخص ما أن البلد الذي أصبح مرجعاً طبياً في فصل التوائم وجراحة القلب المفتوح لا يستطيع الفصل بين الإعلان التجاري وإعلان الطبيب عن نفسه ولا يستطيع فتح قلب أخلاقيات المهنة ليصلح العديد من الانسدادات في شرايينها!!

لقد أصبحنا نبهر الناس في الخارج بإنجازاتنا الطبية ونحيرهم بإهمالنا لمتطلبات أساسية يفترض أن تسبق تطور الطب ومن اهمها تطبيق أُسس وأخلاقيات المهنة.

الغريب أنه رغم قدم الطب لدينا وتجربتنا الثرية فيه إلا أننا مازلنا لا نعير اهتماماً لإعلان الطبيب عن نفسه، وفي المقابل فإنه رغم حداثة تجربتنا مع المحاماة إلا أن أبرز نقاط هذا النظام كانت تنص على أن المحامي لا يحق له الإعلان عن نفسه.

وأترك لكم الحكم على الفرق من حيث قدم الممارسة والخطورة في المخالفة وأثر كلا الإعلانين على “الزبون” وعلى سمعة البلد.

Exit mobile version