اجترار الكفاءات

واقع حالنا يشير إلى أنه ما من سبيل لبروز المزيد من الكفاءات الإدارية القيادية في وزاراتنا وإداراتنا ومؤسساتنا العلمية والفنية.

ذلك أن الأسماء التي تدور في فلك البروز إلى الساحة تبقى ثابتة سنوات عديدة لعدم توفر فرص البروز لغيرهم، فالفرص تكون ضيقة للغاية، إما عبر تزاحم المرافق للخروج إلى الناس من إحدى قنوات الإعلام والتعريف بالنفس والمؤهل وبعض الأفكار أو من خلال ترشيح خِلّ وفيّ أضحى نادراً هذه الأيام لأن “كل يحوش النار على قريصه” والقريص هنا أصبح لا يعدو الابن أو الصهر في الحالتين يقف خلف الترشيح امرأة، إما أم أو زوجة!!

أحد أهم أسباب هذا الخلل، كما أعتقد، هو أن كل صاحب منصب لا يتيح أدنى فرصة لغيره لأن يبرز بل يحاول جاهداً أن يحيط نفسه بمجموعة من المقربين ممن لا يخشى من بروزهم، إما لعدم تأهيلهم أو عجز قدراتهم الذهنية عن تحقيق إبداع يبرزهم أو للضعف الشديد في شخصيهم الإدارية وسهولة السيطرة عليهم!!

وفي كل الحالات تلك تعاني الوزارة أو الإدارة أو المؤسسة من ضعف المراكز التي يفترض أن تكون قوية ونشوء مركزية قاتلة وضعف في معظم أركان الإدارة لأن المدير أراد أن يكون القوي الوحيد، الحاضر في كل صورة.

والأخطر من هذا كله هو شعور خاطىء بندرة الكفاءات والمبدعين وهنا لا يصدق قول الشاعر (وتسابقت عرج الحمير فقيل من قل السوابق!!) لأن السوابق موجودة وكثيرة لكن المدير لا يريد أن يدخلها إلى مضمار السباق خوفاً من أن تسبقه هو.

حتى فرص البروز الطبيعية يصر بعض المديرين على حجبها تماماً عندما يتقدم الموظف المبدع بذاته بتقديم فكرة خارقة إبداعية، لكن المدير يرفعها باسمه هو بدلا من اسم الموظف المبدع، وكم من مدير سرق إبداع موظف ليس بهدف السرقة ولكن منعاً لبروزه!!.

كيف للكفاءات الوطنية والدماء الشابة أن تصل، وتبرز، وتكتشف إذا كنا نقفل كل سبل البروز ونقصرها على من وصل بطريقته الخاصة؟!

أقترح أن نسارع في إيجاد سبل لاكتشاف القدرات الإدارية الكامنة أو المكتومة عنوة بإرادة ورغبة وأنانية صاحب المنصب وأن نبحث عنها ونتيح قنوات عديدة لوصولها دون تدخل المديرأو رئيس الموظف.

ما لم نفعل ذلك فإننا سنبقى نجتر الكفاءات أو أصحابها اجتراراً وكأنه لا يوجد في هذا البلد إلاهذا الولد.

اترك رد