فـقراء الداخل أولى بالمعروف

منذ عامين شعرت بأن قنوات الصدقات بدأت تعاني من تحويل مصارفها من الأكثر استحقاقاً في الداخل إلى مستحقين في الخارج، فقد جرى تكثيف الحملات الإعلامية للتبرع للمحتاجين في الخارج في وقت يتزايد فيه شديدو الحاجة بالداخل ممن لا يسألون الناس إلحافاً، كما أن حملات التبرع للخارج تستخدم قنوات ميسرة للأغنياء لتقديم صدقاتهم وإخراج زكاتهم عن طريق حسابات بنكية بأرقام مميزة وآليات بنكية ميسرة في حين يحتاج ميسورو الحال المستحقون في الداخل إلى من يسأل عنهم ويصل إليهم.

في ذلك الوقت وتحديدا في شهر رمضان عام 1421هـ كتبت مقالتين احذر فيهما من تحويل قنوات مصارف الصدقات والزكاة من الأشد حاجة في الداخل الى المحتاجين في الخارج، وأوردت امثلة على شديدي الحاجة الذين يعايش حاجتهم وعوزهم العاملون في المستشفيات والمدارس ودوائر الشرطة ومجالات الخدمة الاجتماعية.

ولعل مطالبتي تلك لم ترق لأحد العاملين في إحدى المؤسسات الخيرية فتجاهل كل مواقع الحث على الأقريين وانهم اولى بالمعروف وراح يدافع بشراسة عن التوجه الى فتح قنوات الصدقات للخارج عبر المؤسسات الخيرية المتعددة متجاهلاً فقراء الداخل (عفا الله عنه).

وفي هذا الشهر الفضيل رمضان عام 1423هـ كثرت المطالبات للمؤسسات الخيرية بأن تهتم بالفقراء في داخل المملكة وتبحث عنهم لأن ثمة محتاجين شديدي العوز وبعض هذه المؤسسات لازالت منشغلة بجمع الصدقات للخارج وقد واجهت تلك الجمعيات في هذا الصدد نقداً شديداً وهادفاً مدعماً بالأمثلة والحجج.

ولعل أجمل ما قرأت في هذا الخصوص مقالا في صفحة “الرأي للجميع” بهذه الجريدة بقلم الاستاذ عبدالله الصالح الرشيد وهو مدير تعليم سابق تحت عنوان (مؤسساتنا الخيرية للخارج بالقنطار وللداخل بالقطارة!!) في عدد يوم الاثنين السادس من رمضان 1423هـ أقترح على كل مهتم بهذا الامر أن يقرأه بتمعن كما ان الاستاذ عبدالله الفوزان تناول نفس الموضوع بقلمه المخلص الحاد اضافة الى اقلام أخرى مما يدل على أن الموضوع بدا يحظى باهتمام كبير غير اهتمام الفقير إلى عفو ربه كاتب هذه السطور .. ولعل هذا الاهتمام بل شبه الإجماع هذا يقنع صاحبنا في تلك المؤسسة الخيرية بعد عامين من اعتراضه، بل لعل هذا الشعور شبه العام بوجود خلل في التوجه الحالي لتلك المؤسسات يجعل الدولة واهل العلم ينظرون في هذا الامر بما يحقق الصالح العام والمسلك الصحيح ومن ثم يتم توعية الناس بالمصرف الأفضل، والله أعلم.

اترك رد