الدفاع المتدني.. الأسد والنعامة!!

الدفاع المدني ليس الجهة الوحيدة التي لا تفرض متطلباتها وشروطها ومواصفاتها إلا على من تقوى عليهم، ومن تقوى عليهم هم من تضطرهم ظروف منح الترخيص أو تجديده لمراجعة الدفاع المدني للحصول على ورقة!!.

ليس الدفاع المدني هو فقط من ينام حتى تضطر لمراجعته ثم يبدأ في مراجعة قائمة المتطلبات!!.

وليس الدفاع المدني وحده هو الجهة الرقابية التي لا تتحرك إلا عندما تحدث مصيبة!!.

معظم وربما كل إداراتنا الرقابية والتفتيشية ينطبق عليها كل ما ذكر وملخصه أنهم لا يتقصون الاحتياجات ويجتهدون في المطالبة بها إلا عندما تراجعهم لإنهاء إجراء بيروقراطي ولا يستشعرون وقوع الخطر قبل حدوثه.

الأغرب من هذه الصفة الملازمة لإداراتنا الحكومية هو أن دوائرنا تلك لا تمارس الرقابة والتفتيش على جهات حكومية أخرى باستثناء الرقابة المالية والتفتيش الإداري “وهذا أيضاً لا يخلو من استثناءات”!!.

ولأن الطفل الذي غرق في امتداد وادي حنيفة هو أحد ضحايا تساهل الدفاع المدني في المطالبة بأدنى شروط السلامة الأساسية فدعونا نأخذ هذا التساهل كمثال.

الدفاع المدني معروف مؤخراً بحرصه على تطبيق شروط واحتياجات السلامة، ولكن على من؟!.

إنه يطبقها على محطات الوقود والمحلات التجارية والورش والمستودعات وكل من يحتاج إلى مراجعته للحصول على ترخيص وهذا جيد!! ولكن أثبت الدفاع المدني عجزه عن فرض شروطه واحتياطاته على الدوائر الحكومية سواء كانت مدارس أو مستشفيات أو إدارات أو بلديات، “أسد على الخاص ونعامة على الحكومي!!”.

لا ننفي أن الدفاع المدني يحاول لكنه لا ينجح وهذا فشل وعجز أياً كان سببه، ومن يدفع ثمن هذا الفشل هم المدنيون الأبرياء أمثال ذلك الطفل ضحية وادي حنيفة.

وضع شبك أو حاجز على ذلك المجرى هو واجب بلدية الحي أو الأمانة بصفة عامة لكن المطالبة بوضع هذه الحماية هي مهمة الدفاع المدني والإلحاح في الطلب هو واجب هذا الدفاع حتى لو وصل الأمر إلى شكوى أمانة المدينة لكنه لم يفعل بدليل أن الحماية لم تتوفر وأن الروح قد أزهقت.

الدفاع المدني في مثل هذه الحوادث الناجمة عن عدم تطبيق دوائر حكومية لدورها الوقائي وعدم ممارسة الدفاع المدني لحقه في المطالبة بتوفير شروط السلامة هو الخاسر الثاني بعد أهل الضحية، فقد كاد أن يخسر أفراداً أرواحهم غالية علينا، وخسر وقتاً قوامه 12ساعة من البحث، وخسر جهداً قوامه غوص في الوحل وردم ودفن، كل هذا لأنه لم يبذل جهداً يسيراً في المطالبة قوامه رجل واحد يلح على أمانة المدينة أن تحتاط.في زاوية قادمة نتطرق إلى قصور غريب في علاقات الدوائر الحكومية ببعضها فيما يتعق بالمسؤوليات، إن كتب الله لنا عمراً ومساحة.

اترك رد