‘جنك عقود!!’

يتباهى بعض المسؤولين بما يسمونه إنجازاً وهو أبعد ما يكون عن الإنجاز، وذلك لخلوه من أهم مقومات الإنجاز وهو البنية التحتية وافتقاده لأهم عناصر الاستمرارية في العطاء ألا وهو تبعية الخدمة أو المشروع المنجز للقطاع وليس لمقدم الخدمة الذي هو في الغالب شركة أو مؤسسة منتفعة.

ثمة فرق كبير بين مسؤول ينشئ مشروعا من العدم ويؤسس له تأسيساً صحيحاً ويوفر له بنية تحتية صلبة ويؤمن احتياجاته من المؤسسة ذاتياً ولسنوات عديدة بتخطيط مدروس وجهد ملموس ويقدمه للوطن كمشروع متكامل له صفة الاستقلالية والبقاء والديمومة ويستفيد منه الوطن في شكل خدمة وفرص وظيفية للمواطنين، وبين مسؤول يتباهى بانجاز قلمه في توقيع اتفاقية مع شركة لتقديم خدمة أساسية مقابل ملايين الريالات لمدة محدودة دون أن يبذل ادنى جهد غير حبر التوقيع وتحمل عيناه لبريق فلاشات الاعلام عند توقيع اتفاقية لا تحقق بنية تحتية ولا جهداً ملموساً ولا إنجازاً محسوساً!! ولا توفر اهم مسببات الفخر وهو استمرارية الخدمة رغم انها أساسية وهامة.

المسؤول غير القادر على التخطيط والتنفيذ والبناء والمتابعة وفي الوقت ذاته يريد أن يبقى أطول وقت ممكن يعمد إلى المشاريع الفورية، المشاريع مسبقة الصنع المتمثلة في توقيع عقود تقديم الخدمات مع شركات ومؤسسات مشاريع الوجبات السريعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا يتحقق معها سوى تنفيع أصحابها وملاكها ومنهم الصهر والخال والولد!!

مشاريع التوقيع تلك تذكرني بوجبات المطاعم السريعة (جنك فوود)لأنها أي تلك المشاريع تحمل نفس خصائص الوجبات السريعة من حيث إنها سريعة التحضير معدومة القيمة الغذائية عديمة الفائدة، باهظة التكلفة، لا يعتمد عليها غير ربة بيت كسولة لا تجيد إعداد الطعام.

الفرق الوحيد بين الشبيهين هو فرق موجود إنما أوجده عنوة طبع التبجح لدى بعض المسؤولين، ففي الوقت الذي تكون فيه ربة المنزل واقعية ومنطقية فتعترف بأن اللجوء إلى المطاعم ينم عن عجزها وقصورها وكسلها فإن بعض المسؤولين، يتفاخر بتوقيع عقود من نوع”جنك عقود” ويملأ وسائل الإعلام بالضجة كأنه حقق إنجازاً مذهلاً لم يسبق اليه ولن يتكرر.

المشكلة أن فلاشات آلات التصوير لا تفرق بين مسؤول يبذل عرقا وآخر يبذل حبرا!!! لا تفرق بين من يبني بفكره ومن يوقع بقلمه لكن القارئ يدرك الفرق تماماً مثلما يفرق الأزواج بين مذاق طبخ البيت وسماجة الهمبرجر، حتى الأطفال يدركون الفرق الشاسع والزوجة الساذجة هي من تصدق حينما يفرغ الزوج من أكل طعام أعده المطعم ويقول لها “تسلم يديك”!!

بقي شبه واحد بين وجبات “الجنك” ومشاريع “الجنك” وهو أن الأولى تكثر في العطلات والثانية تتزايد في مواسم التشكيلات والله أعلم وله الحكمة والحمد.

اترك رد