خطير جدا أن نصل في اهتمامنا بالقشور والمظاهر المرحلة التي وصلنا اليها اليوم، واعني ان يصل المزاد على “لوحات السيارات” الى مبالغ كبيرة جداً قياساً بأن المعروض في المزاد مجرد لوحة سيارة ذات أحرف متشابهة أو أرقام متشابهة ومع ذلك يصل المزاد إلى أكثر من اربعين ألف ريال للوحة سيارة وليست لوحة فنية أو قطعة أثرية أو مخطوطة!!.
الغريب أن المغالاة تحدث في لوحة سيارة مميزة مع أن تميز رقم أو أحرف لوحة السيارة لا يخدم صاحبها بأي صورة من الصور سوى إشباع غريزة التميز وهي في نظري غريزة سطحية جداً من تلك الغرائز التي تختص بتعويض شعور شديد بالنقص(!!).
أستطيع أن افهم وأتقبل الحرص على اقتناء رقم هاتف مميز بالنسبة للشركات والمؤسسات ذات العلاقة المباشرة بعملاء تجذبهم سهولة الاتصال ويشجعهم على اختيار مؤسسة دون غيرها، المهم أنه حرص له ما يبرره، كما أستطيع أن أتقبل على مضض أن يحرض شخص على اقتناء رقم جوال مميز إذا كان تميز الرقم وسهولته يسهل له مهاما خاصة (!!) ونظرتنا بطبيعة الحال تعتمد على نوع تلك المهام وأهدافها (!!).
أما التنافس والمزايدة على اقتناء لوحة سيارة مميزة فهو أمر يوحي بسطحية بعض أفراد المجتمع وتفشي ظاهرة التباهي بالقشور ومحاولة التميز بأية وسيلة حتى لو كانت قطعة “ألمنيوم” تعلق في خلفية السيارة قرب فتحة مؤخرتها “الشكمان” !!.
يا أولي الألباب دعونا نفيق لأنفسنا ولو لبرهة من الزمن.. أن تمييز مركبة عن أخرى ولو بمجرد اللوحة ليس في مصلحة المجتمع ولا المرور ولا الوطن ولا المواطن!!.
يكفينا أن يتميز شخص عن آخر بنوع السيارة وقيمتها “سيارة فارهة” وهو أمر كان له انعكاسات سلبية قديماً وخاصة من فئة الشباب أو ذوي المراهقة المتأخرة وقد تغلبنا عليها ولله الحمد عندما قلت الفوارق بحكم الطفرة.
ما الذي يجعلنا الآن نختلق فوارق جديدة نحن في غنى عنها، وأعني أن المرور كمؤسسة وطنية غني عن استحداث وسيلة جديدة للتباهي قد تنعكس سلباً على المرور نفسه إذا ما حضيت الأرقام المميزة بهيبة من نوع ما في الميدان.. ورجال المرور بشر مثلهم مثل بقية المجتمع تلفت انتباههم علامات التميز!!.
أنا أعتبر أن ما حدث من مغالاة في أرقام اللوحات المميزة هو مدعاة للضحك بسبب سخفه وسطحيته لكن المضحك أكثر أن تميز رقم اللوحة هو في الواقع مصيدة على صاحبه إذا ارتكب مخالفة فهو أسهل للحفظ وملاحقة صاحب السيارة فقد ينطبق عليه المثل “يا من شرى له من حلاله علة” ومع ذلك فإن حمى التنافس وحب التميز دون امتياز ورغبة تعويض مركب النقص أنست الكثيرين هذه السلبية، واتمنى أن لا ننسى نحن ما شرت اليه من سلبيات جربنا لها متشابهات.