Site icon محمد سليمان الأحيدب

وعطوان لماذا اختفى؟!

دروس كثيرة يفترض أن نستفيد منها كشعوب عربية مما حدث قبل وأثناء وبعد غزو العراق.

ودروس أكثر يجدر بالحكومات في العالم الثالث الاستفادة منها وأظنها سوف تستلهم العبر شاءت أم أبت ويكفي درس ضرورة مد جسور حب ورضى الشعب كعنصر هام للبقاء وليس العكس.

الدروس كثيرة والموضوع طويل وأرى أن أركز على واحد من الدروس الهامة لنا كمتلقين أو متلقفين للإعلام العربي الفضائي.

ألا تلاحظون أن ظاهرة الاختفاء لم تقتصر على رئيس وأعضاء القيادة العراقية؟! بل شملت ضيوف القنوات الفضائية المؤيدين للنظام مثل عبدالباري عطوان وغيره، أين من نصبتهم بعض القنوات الفضائية خاصة قناة الجزيرة خبراء في كل شيء، خبراء في السياسة وخبراء في الشئون العسكرية وخبراء في الشأن العراقي فكان صراخهم وتنظيرهم ومحاولاتهم المستميتة لإقناع الناس بأن أي مبادرة لتلافي الدخول في الحرب تمثل رأياً جباناً يستخف بقدرات القيادة العراقية.

أين هؤلاء بعد أن سقطت بغداد بين عشية وضحاها وخرج المكابرون إما عن العراق أو الدنيا ولكن بعد خراب بصرة بل العراق كله؟!

أنا لا أقول لماذا أخطأوا أو أفرطوا في الثقة بالنظام العراقي ولكن لماذا يختفون فجأة لمجرد أن رأيهم جانبه الصواب؟!

السبب واضح لا يحتاج لكثير ذكاء ولكن هل نستفيد مستقبلاً من هذا الوضوح المدعم بمثال حي.

السبب أن هؤلاء هم مجرد أدوات وحديثهم أحادي الاتجاه ليس جدلاً أو حواراً يحاول الوصول إلى حقيقة ولكن محاولة دائمة للوصول إلى غاية واحدة تبرر الوسيلة وتستخدم عدة وسائل ومناسبات ولذلك فإنه ما أن تنتهي الوسيلة يختفون بانتظار مناسبة أخرى.

من يتوفر لديه رأي وفكر وخبرة يمكن أن تفيد فإنه لا يختفي لمجرد أن توقعه جانبه الصواب، بل يتواجد ويوضح كيف سارت الأحداث خلاف ما كان يتوقع. ولعلي بكل هذه الحيثيات أحاول الوصول إلى الدعوة لوضع حد للتأثر بمثل هذه الآراء والاستفادة مما حدث في معرفة أهداف أصحابها وعدم الانجراف مع أحاديثهم مهما بلغت من ادعاء الحماس تمثيلاً وتصنعاً. كما أن على القنوات العربية التي أثبتت قدراً كبيراً من المهنية على مستوى تغطية المراسلين أن تحاول تحقيق نفس القدر على مستوى الضيوف.

شخصياً لا أُؤيد شن حملة نقد على شخص بعينه لأنها تعطيه أكبر من حجمه ولذلك فلم أكتب مطلقاً عن عبدالباري عطوان مثلاً، لكنني أرى أنه مثال جيد لمن أقصدهم هنا فأين عبدالباري عطوان في قناة الجزيرة منذ أن أُسقط تمثال صدام وحتى اليوم؟! لماذا اختفى هو الآخر ولم يخرج ليبرر خطأ حساباته عندما شن حرباً بذيئة على كل من يدعو لحقن الدماء بمجرد اقتراح توفير ملاذ آمن لصدام وتنازله عن السلطة معتبراً أنه يعرف العراق ويعرف نظامه ويجزم أن الحرب ستطول وأن صدام سينتصر؟! عطوان لم يبق منه ولا “عطو” واحد.

أعتقد أنه اختفى لأن دوره أنتهى بسقوط النظام فلم يكن يعبر عن وجهة نظر أو يطرح رأياً قابلاً للجدل بل يستغل مناسبة لمداعبة مشاعرحتى لو كانت ضد قناعاته.

في المقابل لابد من إنصاف الدكتور ظافر العاني فهو الوحيد الذي كان متحمساً ومتفائلاً بقوة العراق قبل الحرب وبقي يحلل أسباب سقوط بغداد وكيف حدث بطريقة خالفت توقعاته معبراً عن ألمه في أن يظهر على الشاشة وخلفه حاملة جنود أمريكية.

لماذا اختفى عبدالباري وبقي ظافر العاني؟! أمر يتعلق بالفرق بين الزبد وما ينفع الناس!! أما نحن فيجب أن نستفيد من تجربة العراق أشياء كثيرة منها أن لا ننساق وراء رجل مناسبات لا يلبث أن يختفي!!

Exit mobile version