أمن العائلة

بينما كنت عائداً من العمل قبل إفطار يوم الإثنين “أول أمس” في حوالي الساعة الرابعة والنصف عصراً على الطريق السريع الممتد من طريق خريص شمالاً إلى الدائري الشمالي مروراً بأستاد الملك فهد الرياضي وإذا بسيارة داستون “وانيت غمارتين” تتجاوزني مسرعة وفي صحنها الخلفي يقف طفلان “يتنططان” فوق كراتين مشروبات غازية ويتمايلان ذات اليمين وذات الشمال ويمكن أن يسقط أحدهما أو كلاهما في أية لحظة وإذا حدث ذلك فإن من سقط سوف تتقاذفه السيارات المسرعة ثم تتبعثر السيارات وتتلاطم وتعم الفوضى وتزهق الأرواح.
فرحت كثيراً برؤية إحدى سيارات دورية الشرطة 999تعبرني وتسير خلف ذلك الوانيت، لكنها تتجاوزه تارة ويتجاوزها أخرى دون أن توقفه الدورية رغم أن تمايل الطفلين في الصندوق المسرع يثير الفزع.

عند الإشارة توقفنا جميعاً فاقتربت من سيارة الدورية وكان بها شرطي لطيف المنطق بارد إلى حد التجمد ودار بيني وبينه حديث سريع:-

قلت له: هؤلاء الأطفال في خطر والسائق يستحق من يرشده إلى الصواب ويجبره على وضعهم في المقعد.

قال: صحيح بس تعرف عائلة وقرب فطور وحنا في رمضان.

قلت: يمكنك أن توقفه فتمنع حزن عائلة وتنكيد فطور وقتل نفس في رمضان.

رد: معليش تعرف.. عوايل.

قلت: وضع ركاب في الصندوق أليس مخالفة تستحق الإيقاف والمساءلة والتصحيح؟!

قال: مخالفة ما فيها كلام بس “مثلك عارف” جزاك الله خير.

تحولت الإشارة إلى الأخضر وأنطلق الوانيت مسرعاً وخلفه أنا ثم سيارة الشرطة وأنا “مثلي غير عارف” فلم أفهم ما علاقة العائلة بالتجاوز عن المخالفات ومنع حدوث الكارثة.

الذي أدركه جيداً أن ذلك “الوانيت” لو طار منه جسد وتهشم رأسه بفعل الإرتطام السريع فإن نفساً بريئة أزهقت فإذا سقطت أمامي ودهست ما تبقى منها فإنني سوف أقضي العشر الأواخر والعيد خلف القضبان وأدفع الدية لنفس الشخص المهمل وأصوم شهرين متتاليين لأنه لا يوجد في الدنيا كلها فحص يثبت أن الضحية مات قبل أن أدهسه، وإذا انحرفت بسيارتي وانقلبت فقد أيتم أبنائي وهم “عائلة” أيضاً وقد أتسبب في تيتيم عوائل أخرى قبل الإفطار وفي رمضان.

إيرادي لهذا الموقف ليس المقصود منه لفت النظر إلى تصرف فردي من مواطن وتفاعل رجل الشرطة معه، ان ما أقصده هو إعادة التذكير بما سبق أن كتبته حول أمرين أحسب انهما هامين ويؤكدهما هذا الموقف الذي أجزم انه يتكرر ليس يومياً ولكن كل ساعة:

الأمر الأول هو منح الاستثناء “للعائلة” في كل شيء وهو أمر غير مقبول في زمننا هذا خاصة في الأمور الأمنية، فمجرد رؤية رجل الأمن للمرأة أو العائلة تجعله يتغاضى عن بعض المسلمات الأمنية وهذا غير صحيح وقد سبق أن استشهدت بأن بعض قطاع الطرق الذين قبض عليهم بعد عناء كانوا يستغلون هذا النوع من التسامح في التنكر بزي المرأة أثناء تنقلات بعضهم حتى يتم تلافي تفتيش السيارة. صحيح أن للعائلة وللمحارم حرمتها لكننا لا نقول “إلمسوهن” إنما أن تتم المساءلة الشفهية بما يقطع دابر استغلال حسن النية، فالمرأة تتكلم مع البائع والطبيب والسائق فما المانع من أن تتحدث مع مفتش نقاط التفتيش.

الأمر الثاني وقد أشرت إليه سابقاً أيضاً، وموقف اليوم يؤكده، وهو ضعف النشاط الميداني لرجال المرور والشرطة وهو أمر مشاهد فهم نشيطون عند الإشارات وأثناء الوقوف للسؤال عن رخصة أو استمارة منتهية أما في الطرق وأثناء السير فإن من النادر جداً أن ترى الدورية توقف سيارة تتلاعب في الطريق أو تعبر الإشارة أو تثير الفزع أو تسير بلوحة غير واضحة أو نقص مخل بالسلامة.

أعتقد بأن الرقيب في حاجة إلى مراقبة وحث على نبذ الكسل!!

اترك رد