تنافس مصالح

أخيراً وبعد طول سقام وبعد كم هائل من المطالبات والشكاوى وعرض أمثلة سوء استغلال الحاجة للعمل صرحت وزارة التربية والتعليم على لسان مدير عام التعليم الأهلي بأن الوزارة “تدرس” مشروعاً لتحديد الحد الأدنى لأجور المعلمات في المدارس الأهلية!!
لكل من شاء أن يتخيل ويطلق العنان لخياله أن يتصور حجم البرود الذي تعيشه هذه الوزارة فيما يتعلق بالمصالح الحقيقية والهموم الفعلية لمواطن هذا البلد وهي أي وزارة التربية والتعليم تصمت، بل لا تتحرك، تجاه مطالب وطنية ملحة بالبت في أحد أهم أسباب حرمان عنصر وطني من الوظيفة ومنحها لمتعاقدة، وترك بنات الوطن يهمن في الصحاري مع سائق ويقتلن في حوادث الطرق بمعدلات يومية مخيفة أو يبقين في البيوت دون عمل ومصدر رزق، مع ان ذلك السبب وهو عدم تحديد حد أدنى لرواتب المعلمات السعوديات في المدارس الأهلية هو من صميم عمل الوزارة بل واجباتها.

لقد أدى هذا التقاعس والتباطؤ والتثاقل إلى “استفراد” التجار وشركائهم بمصير الفتاة السعودية واجبار العديد منهن على القبول براتب شهري لا يزيد على 1500ريال “ألف وخمسمائة ريال” لأنها بين خيارين أحلاهما مرّ، اما البقاء في المنزل دون عمل مع انها تعيل أسرة أو أيتاماً أو القبول باستغلال التاجر وشركائه لحاجتها وعدم وجود نظام يحميها ورضوخها للعمل بالمرتب الذي لا يعادل نصف تكلفة متعاقدة بتأشيراتها ومحرمها وتذاكرها.

عندما تتخلى الجهة الحكومية المسؤولة عن الوقوف مع المواطن أو المواطنة وتتركه فريسة لغياب النظم والأطر التي تحدد علاقته بالتاجر فاعلم أن في الأمر “تجارة” أو مصالح خاصة!!.

لقد طالبت مثل كثيرين غيري ومنذ أكثر من أربع سنوات بضرورة وضع حد أدنى لرواتب السعوديات في المدارس الأهلية واستشهدت بذلك العرض البخس الذي أجبرت على قبوله معلمة سعودية وهو 1200ريال شهريا وجاء تحرك شفة الوزارة بعد سنوات عانى خلالها الوطن من البطالة لتقول إنها “تدرس” مشروعاً للحد الأدنى!! ترى ألم تكفهم مكاسب تلك السنين وتحرك مشاعرهم خسائر الوطن والمواطن والمواطنة خلال نفس المدة ليقولوا لنا الآن إن المشروع سوف يطبق؟! هل لابد من البحث عن مكاسب سنوات أخرى هي مدة الدراسة التي قد يصيبها نفس مصير تحديد الرسوم الدراسية فيكون القرار هو ان الوزارة رأت عدم التدخل في تحديد رسوم المدارس الأهلية وترك الأمر للمنافسة؟!.انها حقاً منافسة وتنافس بين مصالح الشركاء ومصلحة الوطن والمواطن.

اترك رد