المثقف لا يقارع علماء الشرع

لم توفق بعض العينات المنتقاة من بعض القنوات الفضائية للتحدث حول ما تشهده بلادنا من قضايا خاصة ما يتعلق بالحوار أو حرية الرأي.
ربما أخطأت بعض القنوات الاختيار وتعمدت أخرى أن تختار أطرافاً معادية للمصالح الوطنية وكارهة لهذا البلد المحسود أهله، المستهدف أمنه ورخاؤه.

والاختيار المتعمد لعناصر معادية كارهة أمر تعودنا عليه ولم يعد يؤثر فينا كثيراً، فمن نعم الله علينا وعلى وطننا أن من يحاول النيل منا يظهر مفضوح النوايا، ضعيف الحجة، مكفهر الوجه، بائن الحقد فلا يؤثر في المتلقي ولا يغضب المحب ولا يسعد حتى الحاقد مثله لأن الجميع يسهل عليهم إدراك مقاصده وأهدافه حتى لو تلبس بلباس الالتزام فإن ملابس النفاق الداخلية تكون أكثر وضوحاً وأعظم فضحاً.

تبقى مشكلتنا مع القنوات التي تخطىء اختيار الضيوف وتعتقد أن كل مثقف يمكنه الخوض في كل القضايا بما في ذلك قضايا الدين التي لها خصوصية شديدة حيث تتطلب تأهيلاً شرعياً وثقافة دينية عميقة وراسخة وطويلة حتى يتمكن من مجرد الخوض في أمور دينية أو التحاور مع المؤهل شرعياً أو حتى المثقف الذي أوتي من العلم الشرعي ولو اليسير.

بعض الحوارات الفضائية شهدت استعاجلاً في الأحكام على من اقترح الحوار وتشنجاً غير مقبول من بعض المثقفين خرجوا خلاله حتى عن أهم المبادىء التي يفترض أن يدركها المثقف عن حرية الرأي التي يطالب بها وهو مبدأ إتاحة الفرصة للطرف الأخر إبداء رأيه وعدم تجريحه أو كيل الاتهامات له والتشكيك في انتمائه إلى جزء من البساط لمجرد أن طرح رأياً.

يجب أن لا يستغل أحد أطراف الحوار ما يعتقده ضعفاً في موقف الطرف الآخر بسبب ادعاء فئة ضالة انتماءها إلى الدين أو تلبسها بلباسه فقد أتفق الجميع بالإجماع أن ما تمارسه تلك الفئة بعيداً كل البعد عن المنهج الحق بل محاربة له وبذلك فإن أهل المنهج الوسطي الصحيح لا يضعفهم سلوك من ضل عن سواء السبيل.

جدير بمن حملوا راية المطالبة بمزيد من حرية الرأي وفتح لأبواب الحوار أن يتذكروا أن حرية الرأي تعني إتاحة الفرصة للجميع للتعبير عن آرائهم ولك أن تقارعهم الحجة وتناقشهم (إذا أسعفك علمك) لكن دون أن تصادرهم حق إبداء رأيهم أو تتهمهم بالانتماء بشكل أو بآخر إلى بساط فئة ضالة.

ومن العجيب أيضا ذلك التطاول على العلم الشرعي والثقافة الدينية دون غيره من العلوم والتخصصات فعندما يكون الحوار حول علم الطب مثلاً فإن أحداً لا يجرؤ على الإدلاء بدلوه مفتياً إلا إذا كان طبيباً بل تجده وإن كان مثقفاً يستميح الأطباء عذراً أن يورد سؤالاً مؤكداً انه لا يفقه في مجال الطب بينما يسمح البعض لأنفسهم مقارعة علماء الدين ومحاجتهم ويسمح لهم مدير الحوار بذلك كونهم مثقفين!!.

إن كوننا نعرف كيف نصلي أو بعض مبطلات الصوم لا يبيح لنا أن نتحدث عن الدين الإسلامي فكراً وشرعاً ونستدل بمعلوماتنا السطحية لمقارعة من هم أعمق منا عملاً وعلماً.

عجباً كيف أننا نستفتي العلماء في قضايا الطلاق ونواقض الوضوء ومفطرات الصائم ثم نحتج عليهم في أمور ذات علاقة بالجهاد أو المخرجات من الملة.

اترك رد