في هذه الزاوية ليوم الأربعاء الماضي تطرقت الى احدى العبر التي يجدر أن نعتبر بها من الدراسة التي نشرتها جريدة “الرياض” حول اعداد الطعام في المستشفيات الحكومية والخاصة وهي تلك المتعلقة بانعدام الرقابة التي جعلت الصرصار يمشي على الأطعمة كما يمشي الوجي الوحل ببطء يشبه الخيلاء، فقد شابه الصرصار الغزال في التدليل وأصبح طعام المرضى كالوحل أو أشد تلوثا!!
العبرة الثانية اهم واخطر وهي ان الوقت قد حان لنعي ان جهاتنا المسؤولة لا تجري الدراسات مطلقا وتعتمد على اجتهادات الدارسين من الباحثين وطلبة العلم في اجراء الدراسات وفي الوقت ذاته لا تعير هذه الدراسات ادنى اهتمام الا حينما تنشر في الصحف خوفا من ان يتفاعل معها مسؤول اعلى ولو لم تنشر في الصحف لبقيت في أرفف المكتبات دون استفادة، أي ان الجهات الحكومية المسؤولة لا تقوم بالدراسات ولا تشجعها ولا تستفيد منها هذا اذا لم تشكك في صحتها كنوع من الدفاع المستميت.
تلك كانت حال مطاعم المستشفيات التي يفترض انها معقل التعقيم والنظافة فما هي حال أوكار إعداد الطعام في مطاعم الشوارع التي يعمل بها عمالة تفتقد للوعي والإخلاص والحب خلف لوحة كبيرة تحمل عبارة ممنوع الدخول لغير العاملين!!.
الخطر الثاني محتويات الأغذية والأدوية التي ترد الينا من كل حدب وصوب وبكميات كبيرة جداً ومتنوعة لا تتيح تحليل محتوياتها بالامكانات المحدودة المتوفرة والتي بدلاً من أن ندعمها فوجئنا بالسماح لمختبرات أهلية لتتولى تحليلها في وقت كنا فيه في قمة السعادة بإنشاء هيئة للغذاء والدواء.
إذا كنا لا نمتلك جهازا رقابيا قادرا ومتمكنا ومجهزا لأننا لا نريد الصرف على هذه الوظيفة الأساسية، بل نريد أن نتنازل عنها للقطاع الخاص فكيف سنتمكن من مراقبة ذلك الرقيب التجاري.
إذا تولى التاجر الرقابة على التاجر فاعلم انهم بأرواحنا وصحتنا يتاجرون!! فإذا لم يكن عليهم رقيب حكومي مؤهل فإنا لله وإنا إليه راجعون.
يا أولي الألباب.. الدواء والغذاء خطرهما عام يطال القاصي والداني، ولعل هذه الحقيقة تجعل المسؤول يحرص على اعادة النظر في أمر التأكد من سلامتهما، وإن كانت تنبع من منطلق فيه الكثير من الأنانية لكنها أنانية نافعة دعونا نستغلها لتحريك الحرص من منطلق التخويف، فالبعض قد لا يحرص على غيره مثل حرصه على نفسه وفلذات كبده ومثل هؤلاء يجب أن تقول لهم إن هذا الغذاء وذلك الدواء قد تتناوله أنت أو من تحب فتأكد من تشديد الرقابة عليه.
في دراسة أمريكية منشورة في كتاب بعنوان “الأدوية التي لا تعمل أو غير الفعالة” اوضحت الدراسة ان عشرين من كبريات شركات الأدوية تنتج ادوية مغشوشة غير ذات فاعلية او بدون مادة فعالة مطلقاً ونحن لازلنا نعتمد على أن الشركات الكبرى لا تغش “ننسى ان التاجر متاجر”.