Site icon محمد سليمان الأحيدب

وضع اليد

في زمن الوعي، في زمن التفكير في كل خطوة من منظور المصلحة الوطنية وفي زمن الحوار والتحاور على التفاصيل بأسلوب يوضح بما لايدع مجالاً للشك أن شريحة الوعي أكبر وأعم، وأن الناس تنتقد وربما تتضايق كثيراً من بعض السلوكيات.
أقول في زمن مثل هذا فإنه لا مكان لكثيرمن السلوكيات التي لا تتناسب مع روح العصر وروح الوعي وجمال الحوار.

لا مكان لكثير من الممارسات التي تفترض أن الناس على درجة كبيرة من “الطيبة” أو عامياً “الصح” بحيث تتقبل ما يتعارض بوضوح مع المنطق أو يفتقد لمبررات مقبولة سهلة الهضم.

ولكي أكون أكثر إنصافاً فإننا لم نكن يوماً من الأيام نفتقد للفطنة وثقافة المساءلة بل اشتهر سكان جزيرة العرب بالذكاء الفطري وفراسة البدوي التي ترفض أي شيء لا يدعمه مبرر منطقي أو شرعي أو حقوقي وكان ذلك حتى قبل أن ينتشر التعليم في المنطقة وتتغير تركيبة المجتمع في صالح أعداد المتعلمين والمثقفين والنوابغ.

ومن الأمثلة ما يحكى في “سوالف” الأجداد من أن أحدهم في أثناء غربته للعمل أراد أن يتعرف على من قد يكون في نفس البلد من أبناء جلدته وكان من وسط الجزيرة العربية، فما كان منه إلا أن وضع حبلاً يمنع المرور في أحد الطرقات أو ما يسمى قديماً بـ”المجيب” فكان جميع أهل تلك البلاد ممن يمرون يتوقفون عند الحبل ثم يغيرون مسارهم إلى طريق آخر غير الذي منعهم ذلك الوافد عنه إلا شخصاً واحداً ما أن اعترضه الحبل حتى قطعه مستنكراً على من وضعه بعبارة “بأي حق تمنعنا الطريق” فعرف انه من أبناء جلدته وهو سلوك ينم عن ذكاء وانتفاء للسذاجة والاستسلام لما يخالف المنطق.

ومن هذا المنطلق ومن منطلق الحق وضرورة اتباع الأنظمة فإن ما يمارس حالياً من مخالفات وتعديات على أراض وأملاك حكومية ترهق كاهل لجنة التعديات سلوك غير مبرر ولا يتناسب مع الوعي وروح العصر ويجب أن يتوقف في كل مدينة وقرية وهجرة وبر!!

وقد سبق لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد أن فرّج إحدى كرب مدينة جدة وجميع المدن الساحلية عندما وجه يحفظه الله بمنع التملك والبناء على الشواطئ وذلك التوجيه الكريم غير المستغرب هو واحد من منظومة إجراءات خير وإصلاح وعلاج فقر ومحاربة فساد تبناها ولي العهد وحرص عليها وهي تؤتي ثمارها.

وكم أتمنى ان يشمل التوجيه التشدد في منع وضع اليد على مناطق الترفيه البريء وشواطئ الرمال الحمر في وسط الصحراء لينعم الجميع بما تنشق عنه أرض هذا الوطن من خير ونعمة وعشب وكمأة وما تحتضنه من شامخ النقا وطامن النقر.

Exit mobile version