التلفزيون وأبطال البجادية

في زمن عز فيه الشكر، وكثر فيه النقد والتجريح أرى “والله أعلم” أن علينا أن نرسخ ثقافة الشكر والامتنان والتكريم وإبراز الكفاءات المخلصة في كل مجال سواءً كان أمنياً أو إدارياً أو مهنياً وفكرياً.
هذا إذا أردنا أن نحذو حذو دول متقدمة عملت جاهدة ومن خلال إعلامها الرسمي وغير الرسمي أن تعطي كل ذي حق حقه وتعمل كل ما من شأنه الترغيب في بذل الجهد والإخصلاص للعمل وخلق روح التنافس بين العاملين وتغيير أجواء الإحباط والركود وردود الفعل السلبية إزاء النجاح.

في هذه الجريدة “الرياض” وفي عدد يوم الاثنين 22صفر 1425هـ نقل لنا الزميل محمد الفارس من البجادية خبر عمل بطولي استطاع من خلاله عدد من رجال الدفاع المدني بتوفيق من الله إنقاذ حياة تسع معلمات وطالبتين وسائق حافة نقل المعلمات بعد أن أشرفن على الموت بفعل مداهمة السيول الجارفة للحافلة وإغراقها بالكامل إلى حد أصبح معه سقف التنفس للضحايا محدوداً جداً وبدأ العد التنازلي لحجم الهواء المتاح لهن يمر سريعاً مع وصول منسوب المياه إلى سقف الحافلة. وحسب الخبر فإن الإمكانات كانت محدودة جداً لا تعدو سيارة (وايت) ولفة من الحبال، لكن أولئك الرجال بذلوا أنفسهم وأقدموا على الشهادة واستغلوا ذكاءهم الفطري حيث يبدو من الصورة أنهم لم يكونوا مجهزين حتى بملابس السباحة، ناهيك عن أدوات الغوص والأكسجين فعندما رأوا أن سحب الحافلة بمن فيها بات مستحيلاً وأن الركاب سيغرقون أمام أعينهم، توكلوا على الله وأقدموا على الشهادة وجعلوا من ذلك “الصهريج” مركبة برمائية ودفعوا به وهم من فوقه في عمق المياه مجاوراً للحافلة الغارقة واستخدموا الحبال لنقل الضحايا من مركبة غارقة مغمورة بالمياه إلى أخرى أرفع بقليل لكنها ومن عليها تحت خطر الغرق في أي لحظة وتمكنوا من إنقاذ جميع من في الحافلة وعددهم اثنتا عشرة نفساً بشرية، من أحيا واحدة منها فكأنما أحيا الناس جميعاً.

علينا أن نسأل أنفسنا، ماذا لو كانت الصورة المنقولة عبر “الرياض” تمثل حافلة دخلتها المياه وتسبح بداخلها اثنتا عشرة جثة مات أصحابها موتاً بطيئاً أمام أنظار رجال الدفاع المدني بسبب ضعف الامكانات؟! أجزم أن الصحافة المكتوبة ستتحدث وعلى مدى شهر كامل عن عقوبات وإقالات وإعفاء وسجن لكن هؤلاء الأبطال أنقذوا الضحايا وأنقذوا معهم عشرات المسؤولين!!.

ألا يستحق هؤلاء أن نكرمهم؟! ألا يستحقون ظهورهم على شاشات التلفزيون المحلي وإجراء الحوار معهم كما نفعل مع لاعب كرة قدم جلب لنا لقباً أو أنقذ هدفاً؟!.

إنني أشفع بعلاقة الحب والإعجاب التي تربطني بشباب قناة الرياضة (قناة الشباب) وقناة الإخبارية وهي علاقة حب لم تتجاوز كتابة حرف أو اتصالاً هاتفياً لكنها كانت كفيلة بأن يتجاوب أولئك الشباب مع اقتراح طرحته في هذه الزاوية بعنوان (فلم بطولة البطالة) خلال أقل من ثلاثة أيام ويطبقون ما اقترحته بحذافيره نحو استضافة ضحايا البطالة في ملعب كرة قدم وشرح معاناتهم وهي حلقة لا تزال راسخة في أذهان الناس تمثل قمة الشفافية والعمل الصحفي المهني التلفزيوني الذي كنا نفتقده قبل أن نفتح صدورنا لعدد من الشباب الذين لا يقل حماسهم وإخلاصهم ومهنيتهم عن وسامتهم وبشاشتهم.

إن أسماء أبطال البجادية وتحديداً مدخل هجرة الريشية يفترض أن تتصدر وسائل الإعلام مثلما زينت أسماؤهم خبر جريدة “الرياض” وهو ما يسجل للزميل المتابع محمد الفارس ولقسم المحليات في الجريدة.

وأتمنى أن نراهم في التلفزيون يتحدثون بفخر عن حبهم لمهنتهم وأن يكون علم هذه البلاد خلفية وديكوراً جميلاً للحوار لأن ترسيخ حب هذا العلم هو حب للوطن ولأهله مبني على كلمة التوحيد بلا مجاملة ولا نفاق إلا لمن استحق المجاملة والإطراء والتكريم.

الاقتراح أعلاه أسوقه للزملاء في القنوات الفضائية المحلية الجديدة وما يقال عن تكريم أولئك الرجال يقال بحذافيره عن غيرهم من رجال الأمن الذين يخاطرون بأنفسهم يومياً كي نأمن نحن.

اترك رد