الإنسان بطبيعته أسهل مما نتصور ونخاف ونحشى مع أنه يفترض أن نفهمه لأنه نحن.
سهل الإقناع والاقتناع، سهل النسيان والصفح، سهل أن يحرض ويستفز وسهل أن يكسب ويهدأ.
كل ما تحتاجه للتعامل مع الإنسان هو سد الذرائع ودحض الحجج، وغلق الأبواب التي تعبر منها الرياح.
يقول مثلنا العربي الشعبي “باب تجيك منه ريح، سده واستريح”، والأمثال هي نتاج الحكماء وأصحاب الخبرة والتجربة، ولذا فإنه يستحيل أن يكون الحكيم يقصد بسد الباب سده بالمعنى الظاهر للكلمة، أي بناءة وأنت بداخل المبنى!! منعزلاً مغلقاً على نفسك كل المنافذ والمداخل والمخارج.
سد الباب الذي تأتي منه الريح في قصد الحكيم هو سد الفراغ والتفريغ الذي يعاني منه المبنى ويسهل دخول الريح في تجويفه وزعزعته.
نحن في تعاملنا مع الإنسان أي إنسان نحتاج إلى سد الذرائع أولاً وإزالة مسببات دخول الريح ودحض الحجج بتطبيق عملي على الواقع.
مشكلتنا أننا نصرح ونعد ونقترح الحلول بل ونوجه بسرعة تنفيذها، لكن التنفيذ بطيء جداً ومؤجل دائماً إلى أجل غير مسمى ولا يحظى بالمتابعة والمحاسبة التي تليق بأهميته كونه سداً لذريعة تعرضنا للخطر.
إذا كانت الموجات فوق الصوتية تنفع في التشخيص فقط ولا تعالج فكيف لموجات الصوت أن تحدث علاجاً، ومشكلتنا كعرب أننا ننتشي بالقول بل نبلغ الحد الأقصى للنشوة عندما نفرغ من الحديث، بل إن كثيراً من أمثالنا يفهم منها خطأ تمجيد الصوت مثل “قابل صياح بصياح تسلم” ولعل هذا الاسلوب ينجح أحياناً ليس لأنه الحل الصحيح ولكن لأنه المناسب لطبيعتنا أو ما تعودنا عليه.
كما أننا نقول في الأمثال “إذا فات الفوت ما ينفع الصوت” وكأن الصوت وحده كان سينفع قبل فوات الفوت، والواقع ما كان لينفع وحده ما لم يتبعه عمل وهو الاستجابة لصوت الاستنجاد وخلافه.
خلاصة القول اننا في أمس الحاجة في وقتنا الحاضر والأعداء يحيطون بنا من خارج الوطن وخارج العالم العربي ومن الداخل أيضاً، يوسعوننا اتهاماً وقدحاً وحججاً، أقول إننا في أمس الحاجة لأن نعمل ونعمل فقط لسد الذرائع ودحض الحجج ومنع دخول الريح، ليس بسد الباب والانغلاق والانعزال في داخل أنفسنا ولكن بملء الفراغ الذي يجذب الريح وإصلاح كل مسببات خلق الذرائع بإصلاح أنفسنا وسلوكنا وكبح رغباتنا ونبذ الأنانية وإحلال حب الوطن والحرص على مستقبل الأمة مكان حب الذات والحرص على مستقبل أبنائنا فقط.
لقد خططنا كثيراً للإصلاح وعرفنا سبله ووسائله وتحدثنا عنها وناقشناها وبقي أن نفعلها على أرض الواقع ونجتذ كل حجر عثرة يعيق توجهنا الخاص والعام نحو إصلاح أنفسنا ومجتمعنا لنسد الطريق أمام من يستهدفنا.