عرس الوزير

المتوقع وبحكم المركزية والمسؤولية التنفيذية وواجب الاطمئنان على سير عمل الوزارة أن الوزير لا يجد وقتاً يحك فيه رأسه!! لأن الوزارة لدينا وفي أغلب دول العالم الثالث هي الوزير، حيث لا تتوفر في الغالب ميكنة ونظم وإجراءات وتفويض مسؤوليات بالشكل الذي يضمن أن يتفرغ الوزير للتخطيط والتفكير ورسم الاستراتيجيات.
وحتى لو افترضنا توفر قدر كاف من تفويض الصلاحيات فإن الوقت الذي توفره هذه اللامركزية يفترض أن يستغل فيما ذكر من تفكير وتخطيط ووقوف على سير الأداء إلى جانب الوقت الأهم وهو استقبال الناس وسماع شكاويهم ومطالبهم على أساس أنهم المستهدفين بالخدمة والذين يعمل الوزير على تحقيق رضاهم وتلبية مطالبهم العادلة والمستحقة.

أي أن آخر شيء يفترض أن نفكر فيه هو أن يكون الوزير راعياً دائماً للاحتفالات التشريفية التي يقصد منها مجاملة وإرضاء لأصحاب فكرة تكريم يرغبون أن ينجح حفلهم بتشريف قمة الهرم في الوزارة وإلا فإن الحفل برمته سيفشل.

دعوني أطرح سؤالاً بريئاً جداً هو لماذا لا نجعل من الشخص المكرم النجم الأول للحفل كما نفعل مع العريس الذي نفرد له أجمل وأعلى الكراسي في منصة التتويج؟!!

حتى الوزير أو مجموعة الوزراء عندما يحضرون حفل زواج فإنهم يحضرون لأداء واجب زمالة أو صداقة أو قرابة لكن التتويج يبقى للفارس العريس.. ونفس الاستثناء يحدث في الجنازة حيث ينفرد المتوفى بحقه في الرفع على الأكتاف!!

أما في حفلات التكريم وجوائز التفوق العلمي فإننا نحرص بكل أسف أن نجعل نجم المحتفى بهم يأفل بالإصرار على حضور الوزير وتتويجه نجماً للحفل ليصرف النظر عن المحتفى بهم والمكرمين!!، بدليل أنه لو لم يحضر الوزير فإن خيبة الأمل تكون هي النتيجة وأن المناسبة تنقلب في شكل الوجوه من احتفال إلى مأتم ومن سعادة إلى حزن ومن تهنئة إلى تعزية.. حتى أن المكرمين أو الفائزين بجوائز التفوق العلمي لا يرون في وجوه الحضور ما ينم عن أن الحفل نظم للفرحة بهم وتكريمهم والفخر بهم وتهنئتهم.

في معظم أنحاء العالم الذي يقدّر الشخص المحتفى به حق قدره تكون “الفلاشات” للمكرم إلا عندنا فإنها تذهب للوزير والاستثناء كما ذكرت يكون للعريس والمتوفى!!

إذاً فإن سببين وجيهين يدعواننا إلى اقتراح تغيير هذا التوجه الذي شاع مؤخراً وأصبح ظاهرة تنافسية بين الأسر والقرى والهجر!!

السبب الأول هو عامل وقت الوزير، فلو استجاب وزير التربية والتعليم مثلاً لتلبية كل دعوات رجال الأعمال الذين يرغبون التكفل بجائزة تفوق علمي في قراهم ومدنهم فإن ذلك سيكون على حساب التفوق العلمي نفسه فقد يأتي الوقت الذي لا نجد فيه فرصة للتفوق لأننا لا نجد وقتاً لرسم استراتيجية صحيحة لوزارة هامة.

والسبب الثاني أن معالي الوزير بأريحيته وملكة الخطابة لديه وحب المحتفلين له سيصرف الانتباه عن الفائزين بالجائزة ويهمش وجودهم.

لنجرِّب حفلاً أشبه بالعرس لا مكان فيه لغير العريس والجائزة الجزلة والجمهور المحب.

اترك رد