جميل جداً أن نلتفت إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار الحقوق الإنسانية للعمالة الأجنبية والحرص على عدم ترك أدنى فرصة لسوء السلوك في هذا الصدد.
وكل ما يعنى بالنواحي الإنسانية وأمور المساواة أمر جميل كفله ديننا الحنيف وركز عليه وحث على الاهتمام به ويفترض بنا أن نحرص عليه من هذا المنطلق!!.
الأجمل أن نعنى بالنواحي الحقوقية الأخرى التي تتعلق بالطرف الآخر وهو المواطن على حد سواء مع حقوق العامل المستقدم، وأعني هنا أن رب العمل أو الكفيل له حقوق كثيرة تهضمها آلية التعامل وواقع الممارسة وهي التي تحكمها العلاقة بين العامل ورب العمل ومكتب الاستقدام والدوائر الحكومية.
مكتب الاستقدام سواء المحلي أو وكيله الأجنبي كلاهما داخل في الربح خارج من الخسارة في العملية التعاقدية، فالكفيل يتحمل كل التكاليف بما فيها تكاليف تمرد العامل ورفضه للعمل أو هروبه أو ما يتسبب به تجاه الآخرين من أضرار.
لا يوجد أي ضمانات مالية أو حتى قانونية يتحملها مكتب الاستقدام تحثه على تحري الدقة في الاختيار أو أخذ ضمانات على العامل “أو العاملة” المستقدم تجعله أو تجعلها حريصة على إتمام العملية التعاقدية على خير، بالرغم من أن كلاً من مكتب الاستقدام المحلي والخارجي يمتص جيب الطرف القريب منه بطريقة جشعة جداً، فالعامل يدفع كل ما يملك للحصول على تأشيرة عمل دفع تكاليفها المواطن السعودي ودفع معها تكاليف الاستقدام للمكتب المحلي ورغم أن ما يدفعه كلا طرفي العمل مبلغ كبير جداً إلا أن هذه المبالغ الكبيرة لا تتعلق مطلقاً بضمان التزام أي من الطرفين بشروط العقد، فهي عملية استغلال وقتي لحاجة كل منهما للتعاقد ولا يتحمل مكتب الاستقدام أدنى مجازفة، فحتى مدة الأشهر الثلاثة التجريبية يضمنها للمكتب المبلغ الذي دفعه العامل مقابل مجرد إرسال فاكس أو اثنين.
إن من الضروري ونحن نسعى لضمان الحقوق أن نضمن حقوق جميع الأطراف، فمثلما طالبنا كثيراً بالضرب بيد من حديد على الشركات والمؤسسات والمقاولين والأفراد ممن لا يدفعون للأجير أجره ولا يكتفون بجفاف العرق بل يؤخرون الرواتب حتى جفاف كل المنابع ووسائل العيش مما يضر بالمجتمع أجمع أو أولئك الذين يسيئون للسائق أو الخادمة بطريقة تنذر بالعقوبة، فإننا نطالب أيضاً بضرورة سن تشريعات دقيقة ونظم واضحة تحمل في مضمونها ودقة تطبيقها ضمانات للمستقدم أو من نسميه “الكفيل” بأن ما يدفعه يشكل حماية لحقوقه هو الآخر، وضماناً مالياً قد يخسره مكتب الاستقدام أو العامل المستقدم إذا أخل بشروط العقد وأهمها بطبيعة الحال الجدية في القيام بالعمل!.
أليس من المخجل أن يصل حد إهمال حقوق الإنسانية للكفيل وهو مواطن إلى اتفاق مكتب الاستقدام مع الخادمة على العمل بإخلاص فترة التجربة “ثلاثة أشهر” ثم التمرد على صاحب العمل ورفض العمل أو الهرب أو التمثيل ليقوم بتسفيرها على حسابه ودفع تكاليف الاستقدام ثانية وثالثة؟!.
إن كلمة كفيل ليست عيباً في حق العامل لأنها بكل معانيها العملية على أرض الواقع تعني أن هذا المواطن المسكين يكفل ويتكفل بكل ما يتعلق بهذا العامل وأن مكتب الاستقدام لا يتكفل إلا بالمتاجرة بالطرفين في ظل ضياع الضمانات.