نجحت الرياض عن طريق احتفائها بعيد الفطر هذا العام في فرض هجرة معاكسة من القرى والمدن والمحافظات المجاورة إلى العاصمة بعكس ما كان يحدث في أعوام كثيرة مضت عندما كان الناس يغادرونها إلى القرى ولا يعودون إلا بعد انتهاء آخر ساعة من الإجازة.
الذي ارتاد الطرق السريعة أيام العيد يلحظ بوضوح ان الاتجاه المؤدي إلى الرياض كان مزدحماً فحتى أولئك الذين غادروا ليلة العيد لمعايدة كبار السن في مسقط الرأس عادوا ادراجهم حتى لا تفوتهم احتفالات الرياض وذلك رغم وجود تحد واضح تمثل في جمال حالة الطقس الأنسب للقرية والمتمثل في البرودة ورذاذ المطر المستمر.
برنامج الرياض في احتفالات العيد شهد تطوراً ملحوظاً خلال تسع سنوات وبدأ في فرض العاصمة لنفسها كمدينة احتفال ترفيهي وثقافي للعائلات والأفراد رغم التحديات التي تواجه الرياض بصفة خاصة لعدة اعتبارات لا يمكن لمنصــــف إلا ان يعترف بها تتعلق بتوجهات الناس وأفكارهم ورؤاهــــم ولعل آخرها وليس أولها هو ارتباط الغالبية العظمى من سكانها المواطنين بقراهم وهجرهم ومســـــقط رؤوسهم، اضافة إلى ان الرياض ليست مدينة ساحلية ولا قريبة من شواطئ البحر الذي ارتبط بالترفيه والمتعة.
تجربة رياض التحدي والعمل الوطني الجاد يفترض أن يستفاد منها وأن تعمم لأن النجاح في وجود كم كبير من المعوقات هو النجاح الحقيقي.
وفي ظني المتواضع اننا إذا أردنا نجاح السياحة في المملكة على مستوى عالمي فإن علينا ان نبدأ باجتذاب المواطنين أولاً وهذا يتحقق في أسرع صورة إذا اجتذبنا ابناء البلد في مواسم الإجازات القصيرة التي تعتبر فيها فرص السفر العـــــائلي للخارج محدودة جداً.
هذه الإجازات القصيرة يجب ان نكثف فيها وسائل الجذب للسبب السابق ذكره وهو محدودية الفرص والرغبة للسفر خارجاً اضافة إلى ان الإجازات القصيرة لا تحتاج إلى نفس طويل وجهد مكلف وهو عامل مهم في بداية التجربة السياحية المضنية والتي أهم تحدياتها هي عناصر الجذب.
عندما نجتذب المواطنين ونفرض مدننا عليهم في الإجازات القصيرة سنجد ان من السهل تلقائياً ان يعشقوا السياحة الداخلية في إجازات الصيف الطويلة لأن عامل حرارة الجو لم يشكل عائقاً لدى دول أخرى تعاني من الحر والرطوبة والغلاء الفاحش.
وإذا نجحنا في جذب المواطن لسياحة داخلية وقضاء الصيف في مصايفنا أو حتى مدننا الحارة فإن السائح من الخارج لديه كم أكبر من أسباب الرغبة في زيارة بلادنا وسيكون جذبه أكثر سهولة.
فقط تذكروا سنوات كثيرة مضت عندما كان عيد الرياض عادياً جداً وكان الضغط في الطرق السريعة على الاتجاه المغادر وقارنوه مع عيد هذا العام وستجدون أن التحدي يعشق من يعمل بصمت بل ويخضع له.