ما لم أقله في «الإخبارية»

بمناسبة التوجيه الدائم لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الذي جدده وأكد عليه في الأسبوع المنصرم ويقضي بضرورة إنجاز معاملات المواطنين وتيسير شؤونهم خصصت قناة الإخبارية حلقة برنامج الوجه الآخر يوم السبت الماضي لمناقشة أداء الدوائر الحكومية، وسبل المتابعة والرقابة على هذا الأداء، وكيف يمكن تفعيل توجيهات سموه، وكنت طرفاً في ذلك الحوار إلى جانب مدير عام إدارة الاستشارات بمعهد الإدارة العامة.
لا عذر لمن تستضيفه «الإخبارية» إذا لم يقل ما يتمنى قوله لأن هذه النافذة تتمتع بالقدر المطلوب من الشفافية الرزينة وعندما يكون المحاور أستاذاً أكاديمياً كالدكتور عبدالله الطاير فإنك تعيش تجربة المسؤولية المزدوجة، مسؤولية قول ما تؤمن به دون تحفظ تقديراً لسؤال جريء وشفاف، ومسؤولية انفرادك بالرقابة على ذاتك لأن أحداً لن يشعرك ولو برسالة عين أنك تجاوزت الحدود لأن الحدود في الإخبارية أنت من يضعها. ومن واقع متابعتي لهذه القناة الوطنية المشرفة خاصة برامجها المباشرة فإن بقية المحاورين والمراسلين يتمتعون بنفس الدرجة العالية من المهنية مما يؤكد أنها سياسة قناة وليس أفراد.

لا تهدف هذه المقدمة لإطراء أحد أو امتداح قناة، لكنها مدخل ضروري للتأكيد على أن ما لم أستطع قوله في ذلك الحوار جاء بسبب ضيق الوقت أو أن إسهابي في إحدى النقاط جاء على حساب أخرى وليس بسبب ضيق هامش الحرية.

قلت إن تكرار التوجيه يدل على أن من يحمل هم المواطن لمس وجود التقصير. وحريص على إنجاز معاملات المواطنين وتيسير أمورهم أي أنه لا مجال لأن يتولى موظف حكومي تبسيط المعاناة وممارسة التحفظ في هذا الصدد فالمشكلة موجودة وملموسة والمطلوب هو تحرك القيادات الإدارية في الجهات الخدمية بجدية في تنفيذ التوجيهات وتحمل المسؤولية بالمتابعة الجادة والحزم وإنشاء إدارات إستقبال شكاوي المواطنين ومتابعة الاستجابة لها حتى يتم فعلاً تيسير أمور المواطنين وإنجاز معاملاتهم أسوة بالإدارات الكبرى التي تنشأ للعلاقات العامة ومهمتها تلميع المسؤول إعلامياً، وحيث أن هذه الجدية والمتابعة لم تتم بعد فإنه لابد من إنشاء إدارة مستقلة لاستقبال شكاوي المواطنين على الدوائر الحكومية، غير ديوان المظالم المعني بالتظلم من قرارات وإجراءات دوائر حكومية على مستوى أكبر من الإعاقة اليومية لمصالح المواطن وسير معاملته وتيسير شؤونه، لأن ديوان المظالم ينظر في قضايا كبرى تستغرق وقتاً طويلاً وتستلزم مستندات نظامة أو شرعية وما نحن بصدده إدارة مستقلة لمتابعة سير وتيسير شؤون المراجع، واقترحت أن يكون لهذه الإدارة فرع في كل وزارة تماماً مثلما أن لوزارة المالية ممثلاً مالياً في كل قطاع حكومي أو حتى مؤسسة صغيرة.

ما لم يسعفني الوقت للتأكيد عليه هو ضرورة التغيير الدوري لمواقع القائمين على هذه الفروع لأن إحدى مشاكلنا تأتي من العلاقة الحميمة التي تنشأ بفعل الزمن بين الرقيب ومن يراقبه ومشكلتنا الأكبر تنبع من إمضاء الموظف زمناً طويلاً في نفس المركز يلغي ميزة تجديد الدماء ويحرم الوظيفة من طاقة جديدة متحمسة، فنحن نلمس أن مؤشر الإنتاج ينخفض كلما ارتفع زمن بقاء المسؤول وشعر بالاستقرار.

ما لم يتم إنشاء قنوات للشكوى داخل أسوار المؤسسات الحكومية لكنها مستقلة ستبقى الصحف تتحمل عبء نشر قضايا وشكاوى فردية هي مستحقة وواقعية ومبررة كان يمكن التعامل معها عبر تلك القنوات دون نشرها لتتفرغ الصحف لدورها في النقد ونقل الخبر.

لم يسعفني الوقت وليس الهامش للقول أن بعض الدوائر تسن أنظمة بعضها أساسي وتغير أخرى رغم أن الآلية الصحيحة لإصدار الأنظمة – حتى التفصيلية منها – يتم عبر مجلس الوزراء مروراً بمجلس الشورى لتخرج كأنظمة مدروسة من جميع الجوانب وبمنتهى الحياد وبما يخدم المصلحة العامة التي خير من يقرر فيها هو مجلس الوزراء وغني عن القول أن بعض القرارات المرتجلة لبعض المؤسسات الحكومية تسبب إرباكاً يؤدي إلى مزيد من التذمر والشكوى وتنتهي بالتغيير أو الإلغاء بعد أن تشكل صداعاً اجتماعياً ما كان ليحدث لو مرت عبر القنوات الصحيحة.

اترك رد