الجمر بثوب تمر

من حكمة الخالق سبحانه وتعالى أنه يمهل ولا يهمل ويأتي نصره ولو بعد حين، ولعل ما شهدناه مؤخراً من تخبط كل أوكار الإرهاب في العالم عامة وفي هذا البلد خاصة جاء لأن الله أراد أن ينصر دينه، وينير بصيرة من اختلط الأمر عليهم أو من هم في شك من أمر الفئة الضالة ليثبت لهم بأفعال الفئة نفسها أن دين الإسلام براء مما يفعلون ويدعون.
ولأن الله يمهل ولا يهمل جاء الأمر في البداية وكأنه موجه لغير المسلمين فحدث خلط لدى من ينقصهم التعمق في هذا الدين وممن فات عليهم أن من ادعى أهل الضلال أنهم يستهدفونهم هم من المستأمنين والمعاهدين.

ثم بدأ القناع ينكشف تدريجياً بدأ بحادثة المحيا ومروراً بمبنى المرور وانتهاءً بنفق في شارع عام ضحيته الوحيدة قتلاً سائق سيارة أجرة يسعى لكسب قوت يومه وإعاشة من يعولهم.. كان قد امتطى سيارته استجابة لأمر ربه بأن يسعى في مناكب الأرض ويأكل من رزقها بعد أن فرغ من أداء صلاة العشاء ليجد من يقتله وكأنما قتل الناس جميعاً، وكان يريد قتلهم جميعاً بغير حق لأن الشيطان نجح في إضلاله وصور له طريق الخلد في النار على أنه طريق الخلد في الجنة، وهو ديدن ابليس في تصوير القبيح حسناً عندما قطع على نفسه وعداً أن يغوي بني آدم أجمعين إلا عباد الله الصالحين، فزين لهؤلاء سوء عملهم.

أما المصابون والمروعون فهم أطفال مسلمون كانوا يمارسون الرياضة أو مشاة أبرياء مسلمون خرجوا للتو من المساجد.

أعتقد أننا لم نعد في حاجة لتوعية الناس بأن الإسلام براء مما يحدث فقد بدرأ الله دينه وكشف قناع من أراد أن يبرر أعماله الإجرامية بوضعها في ثوب الدين والدين منها براء وقد أصبح لزاماً علينا الآن أن نحول الجهود لتوعية المواطنين والمقيمين بكيفية التعاون مع رجال الأمن لمحاربة كل من تسول له نفسه المساس بأمن وطننا وأطفالنا ونسائنا ومكتسباتنا.

ركزنا كثيراً على جانب تبرئة الدين مما يفعلون ولم نعد في حاجة إلى ذلك فقد برأ الله دينه بأعمالهم.. ولعل من عجائب الصدف أن يتزامن استشهاد اثنين من رجال الدفاع المدني هما العريف علي منصور العبدلي والجندي محب محمد السابطي غرقاً وهما يحاولان إنقاذ شابين احتجزتهما السيول في القنفذة ليتمكنا من إحياء نفس من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ويستشهدان بهذا الشرف، يتزامن مع انتحار اثنين من الإرهابيين في السلي بالرياض وهما يحاولان قتل أكبر عدد من الأنفس من قتل منها واحدة فكأنما قتل الناس جميعاً ويموتان دون ذلك بخاتمة مصيرها الخلد في النار كما ورد بوضوح في القرآن والسنة.

إن الرب سبحانه الذي حمى البيت ويحميه سيحمي دينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ادعاءات الفئة الضالة وحوادث أول أمس، وقبلها كثير، برأت الدين لذا فإن علينا أن نحول جهودنا الإعلامية والتوعوية، على أساس أن براءة الدين أمر مفروغ منه، نحولها إلى نشر الوعي بطريقة التعاون مع رجال الأمن وخاصة ما يتعلق بثقافة الشك التي طالبت بها كثيراً والتي على أساسها يتم التبليغ عن أي أمر مريب فذلك المواطن الذي صرح لـ «الريـاض» أنه سأل عن أمر «الكراتين» التي كان المطلوبون ينقلونها إلى الشقة رقم 6 المجاورة لشقته في حي التعاون، عندما شك في الأمر وأجابوه أنها كراتين تمر، أقول ذلك المواطن لو كانت تمت توعيته بضرورة التبليغ عن أي أمر ونميت لديه ثقافة الشك الإيجابي والتبليغ عن كل أمر مستغرب فلربما كان في مقدوره منع الكثير مما حدث بإذن الله، وأجزم أن كثيراً من النجاحات الأمنية التي تم خلالها مهاجمة الإرهابيين في أوكارهم كان لشك جيرانهم وتبليغهم دور في القبض عليهم قبل أن ينفذوا نواياهم الإجرامية.

أعتقد جازماً أن علينا أن نكون أكثر حرصاً وإيجابية في التبليغ عن كل أمر مريب، كما أن على أجهزة الأمن أن تتقبل بصدر رحب البلاغات المبالغ فيها أو التي لا تسفر عن اكتشاف، وتشجع أصحابها فهكذا هي جهود الحيطة والحذر تكلف كثيراً لكنها تنجح مرة واحدة فتعوض خسائر مئات المرات.

اترك رد