الدعاية للأدوية والمستحضرات العلاجية أمر مفروض وممنوع على مستوى عالمي، وممنوع عندنا أيضاً، لأن الدواء ليس سلعة ترفيهية أو غرضاً لتلبية احتياج يقرره المستهلك.
الدواء أداة علاج مشكلة صحية محددة يتم التعرف عليها عن طريق التشخيص الدقيق ويتقرر إعطاؤه بناءً على موازنة حذرة بين فوائده وأضراره وبعد التعريف بأضراره وخطورته ومحاذيره.
في الدول التي تعاني من تدني مستوى الوعي العام سواء بهذا التعريف للدواء تحديداً أو الوعي بصفة عامة، ونحن من هذه الدول، تكون خطورة الدعاية للأدوية أكبر بكثير لأنها تكون مؤثرة للغاية وتلقى تجاوباً كبيراً ،والأخطر من هذا وذاك أنها تجد وسطاً إجرائياً مناسباً جداً كون الأدوية تباع دون وصفة طبية أو قل إن الوصفة الطبية إن كتبت تكتب دون تشخيص دقيق وحسب رغبة المريض أحياناً وهو المتأثر بالدعاية للأدوية!!.
منع الدعاية للأدوية لدينا والذي نطبقه كوننا جزءاً من عالم يطبقه لم يعد مفعلاً البتة!! بل لم يعد له أي قيمة لدى شركات الأدوية ووكلاء الدواء، ليس لأن وزارة الصحة ألغته ولكن لأن الزمن ألغى تأثيره ومقدار عقوبته المقررة منذ أكثر من سبع وعشرين سنة، تلك العقوبة التي لا تعادل المردود الربحي لاعلان ساعة واحدة!!.
الأدهى والأمر أن ثمة يأساً لدى الوزارة نفسها من جدوى العقوبة بل من فائدة تحذير الشركات المحلية ووكلاء الشركات الأجنبية من ممارسة الدعاية للأدوية الأمر الذي جعل وزارة الصحة تتوجه لوسائل الإعلام مطالبة بالتعاون مع أهدافها النبيلة بعد نشر اعلانات الدعاية للأدوية، وهذا الطلب يستحق الشفقة لأنه ينم عن حس وطني ورغبة جامحة للحد من مشكلة خطيرة تدركها الوزارة لكن النظام القديم لم يساعدها على حل المشكلة من جذورها، وأعني عقوبة الغرامة التي لا تزيد عن عشرة آلاف ريال!!. وهذا لا يعفي وزارة الصحة من ضرورة المطالبة برفع العقوبة والتضييق في الوقت الحاضر على الشركات المخالفة بوسائل اجرائية عديدة يمكن للوزارة اللجوء اليها ريثما تعدل العقوبة الهشة.
الإعلام المحلي كعادته متعاون مع الوزارة ولا ينشر مثل هذه الإعلانات ولكن حتى لو تعاون الإعلام المحلي مع طلب الوزارة فإن الفضائيات لن تتعاون بل إن بعض الصحف قد تتجاوب وتحجم أخرى فتكون الفرصة لمن لا يحمل الحس الوطني باستغلال الاعلانات.
إن الصمام الحقيقي والوحيد هو المعلن الذي إذا وجد عقوبة رادعة وحزماً في التعامل مع مخالفاته سواء بالاعلان في الصحف أو الفضائيات فإن هذه الممارسة ستتوقف وغراماتها تشكل دخلاً مجدياً ومستحقاً.
المخالفة طبياً ليست النتيجة الوحيدة لإعلانات بعض الشركات المحلية فثمة مخالفة أخلاقية في طريقة الاعلان عن مستحضرات وأدوية الضعف الجنسي بطريقة تخدش الحياء وتثير تساؤلات لدى المراهقين والأطفال وللأسف فإن القائمين على هذه الشركات يختارون أسلوب الاعلان بحس الراغب في ربح غير مشروع دون الأخذ بالاعتبار لقيم المجتمع وأخلاقه بل إن تعريف الرجولة أصبح في إعلاناتهم ومسمياتهم مقتصراً على القدرة الجنسية. كما أن إعلانات عيادات علاج الذكورة تستخدم مفردات يفترض أن لا تتداول في مجتمعات غربية منحلة أخلاقياً لتأثيرها السلبي على الأطفال والنشء من الجنسين وما تثيره من حيرة لديهم فكيف بمجتمعنا المحافظ؟!