أتباع المغناطيس

فيما مضى من الزمان وحينما كنا صغاراً، كنا نلعب لعبة علمية جيدة وملفتة للنظر، إنها لعبة البرادة والمغناطيس، البرادة بضم الباء وفتح الراء غير المشددة هي قطع صغيرة خفيفة من الحديد المبشور والمغناطيس كنا نسميه «الماص».
تضع برادة الحديد على سطح ورقة ثم تضع قطعة المغناطيس تحتها فتبدأ عشرات أجزاء البرادة الحديدية في التوجه نحو المغناطيس وتتحلق عليه وتتحرك كيفما تحرك، ان تحرك شمالاً سارت الجحافل خلفه جهة الشمال وان تحرك يميناً توجهت الجحافل جهة اليمين، ونحن نضحك على هذه التبعية الغريبة التي تحدث رغم أن المغناطيس يختفي تحت الورقة وكأن القطع الحديدية التابعة تتحرك بإرادتها بينما الواقع أنها تتبع حركة المغناطيس بمجاملة وخنوع.

لو حدث أن اختلط مع برادة الحديد قطع خشبية أو بلاستيكية ليس من طبيعتها التأثر بالمجال المغناطيسي للسيد «الماص» فإنها لا تتحرك ولا تتأثر بحركة برادة الحديد بل تبقى في مكانها بكبرياء وكرامة لكن السيد المغناطيس لاينجذب لها هو الآخر لذا تبقى مكانك سر «اقصد مكانك قف».

تذكرت لعبتنا تلك وأنا أتابع بعض مؤسساتنا ودوائرنا عندما يحدث تغيير إداري فالذي يتغير هو السيد مغناطيس لكن حركة برادة الحديد لا تتغير بل ما تلبث أن تتجمع حول «الماص» الجديد وتتراقص وفقاً لحركاته وتتبعه إن يميناً فيمين وإن شمالاً فشمال على وزن «الشور شورك يايبه».

بعض الموظفين مثل برادة الحديد لديهم قدرات فائقة على الانجذاب للجديد بل وجذبه وتغيير طبائعهم للتوافق مع طبيعته وبعضهم لديه قدرة أكبر بكثير فهو يستطيع أن يغير طبيعة المغناطيس نفسه لينجذب إليه.

البعض الآخر مثل القطع الخشبية والبلاستيكية في اللعبة لا تنجذب ولا تجذب وتبقى على موقفها!!

في النهاية يحترق الخشب ليضيء للآخرين و«يموع» البلاستيك رغم نقائه وشفافيته وتبقى برادة الحديد تتراقص رغم السلبية في انتظار المغناطيس رقم 100 «انهم لاينتهون أبداً لأنهم يتلونون».

اترك رد