من المؤكد أن ما يحدث من متابعة الغالبية العظمى من المواطنين لأسعار الأسهم عبر «الإنترنت» قد أدى إلى انخفاض حاد في الإنتاجية في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص على حد سواء خاصة على مستوى القيادات والمستويات الإدارية التي يتاح لها متابعة «الإنترنت» من شاشات الحاسب الآلي في المكتب وهي شريحة كبيرة جداً.
وهذا النزيف الحاد في الإنتاجية يتضرر منه المراجع في شكل إهمال لشؤون المرضى في المستشفيات وتأخير وإعاقة لمصالح المراجعين في كافة الدوائر الحكومية.
وغني عن القول أن تحول الموظف خلف مكتبه إلى عيون شاخصة في شاشة كمبيوتر ولسان يتدلى وكأنه «كرفتة» وذهن يغرد خارج شؤون العمل سيؤدي بالتأكيد إلى شلل في الإنتاجية بشقيها الذهني والجسدي وتوقف للإبداع والابتكار والتخطيط والإنجاز وكل عمل إداري يحتاج إلى صفاء ذهني.
صغار الموظفين والكسرتارية ومدراء المكاتب يلاحظون انشغال مديرهم عن عمله وتصبب عرقه وهو يتابع أسعار أسهمه وعدم قيامه بالمسؤوليات المناطة به حتى أنه لم يعد يكلفهم بأعمال تشغلهم لكنهم مجبرون على البقاء لأن العبرة بتواجدك في المكتب، وهذا وربي سيؤدي إلِى إرث سيئ من القدوة السيئة سيكون له تأثير على مستقبل العطاء الوظيفي للأجيال القادمة، وصدقوني ليس أشد من المدير تأثيراً كقدوة سلباً أو إيجاباً.
رحم الله طفرة العقار فعندما بدأت في التسعينات الهجرية جذبت عدداً من الموظفين لكنها بطبيعتها لا تستغرق وقتاً ولا تشغل ذهناً، (استئذان) نصف يوم لإفراغ أرض ثم تنساها لأشهر أو سنوات ثم (تستأذن) لإفراغها بيعاً وليس بين الاستئذانين انشغال ذهني. حتى من نجحوا نجاحاً باهراً في العقار كانوا على درجة كبيرة من القناعة فتقاعدوا مبكراً أو استقالوا وتركوا الفرصة لغيرهم. بل أعرف من كان موظفاً صغيراً جداً واختلف مع الوزير شخصياً «كان الوزير يتفق ويختلف مع صغار موظفيه لأنه يشاهدهم ويتابعهم ويستقبلهم!!» فما كان من ذلك الموظف الصغير إلا أن استقال وتحول للعقار حتى أصبح اليوم يدعم مادياً أفكار ومشاريع الوزارة التي «طفشته».
هوامير الأسهم هم هوامير وظائف أيضاً وهم لا يتقاعدون ولا يستقيلون ولا يتبرعون ولا لرواتبهم يحللون، وهذا ما يجعلني أشعر دائماً أن كسب العقار ينعم بالبركة مقارنة بكسب الأسهم.
أما كيف نحل أزمة هدر الإنتاجية بسبب طفرة تجارة الأسهم ومتابعتها مكتبياً فلابد من رقابة صارمة على الإنتاجية اليومية وشحذ الهمم على مستوى وطني للسيطرة على الموقف أي أنها باختصار تحتاج إلى مخلص يغلب مصلحة الوطن على مصلحة أسهمه.
إن طفرة تجارة الأسهم تمزق طاقة الإنتاج خاصة الحكومي فأحذروها.