من يراقب مجالس الإدارة؟!

بمجرد أن تتحول الشركة إلى شركة مساهمة فإن السلوكيات المالية لرئيس وأعضاء مجلس ادارة الشركة المساهمة لم تعد شأن مؤسس أو أفراد عائلة فقد أصبحت تمس شريحة كبيرة في تعدادها وإن كانت صغيرة في نسبتها وهم المساهمون الذين يفترض أن يمتلكوا ما لا يقل عن 40٪ من أسهم الشركة حسب توجه الدولة الهادف لإتاحة فرص الاستثمار أمام المواطنين والذي نتمنى أن يفرض قريباً.. وعلى أي حال فإن امتلاك أي نسبة كانت من قبل الجمهور كاف لفرض رقابة خارجية على مصروفات مجلس الادارة وسلوكه المالي ويفترض أن يكون أهم شروط تحويل الشركة إلى شركة مساهمة لأن الهدف الحقيقي والسامي من إشراك المواطنين ليس مجرد رفع سعر السهم في السوق وشراء وبيع أسهم وحسب.
المراقب الوحيد حالياً على مجالس الادارة في الشركات المساهمة هو مراجع الحسابات وهذا وإن كان مكتب محاسبة خارجياً نظرياً فإنه في الواقع لا يعدو كونه موظفاً لدى مجلس الإدارة يأتمر بأمره!!

إن السلوكيات المالية لمجلس ادارة الشركة المساهمة حالياً لا تخضع لرقيب ونقصد سلوكيات رئيس وأعضاء المجلس حتى في بدلاتهم وانتداباتهم وتكاليف عقد مجلس الادارة في عاصمة أوروبية وخلافه من السلوكيات التي كانت في يوم ما تدخل ضمن صيغ المبالغة في المسرحيات والتمثيليات ولم تعد كذلك اليوم حيث أصبحت تشكل عبئاً مالياً على الشركة والشريك الذي هو المساهم الصغير.

إن السلطة المطلقة لأعضاء مجلس الادارة دون رقيب خارجي مستقل باتت تهدد حتى سلوكيات سوق الأسهم وأسعارها والتي عادة ما يذهب ضحيتها صغار المساهمين الذين تتم التضحية بمصالحهم لخدمة أهداف خاصة ومصالح شخصية لمجلس الادارة، خاصة عندما يكون رئيس المجلس أو أحد أعضائه أو بعضهم أو حتى جميعهم أعضاء في مجالس شركات أخرى أي عندما يكون عضواً في أكثر من شركة ويوظف هذه العضوية المتعددة لخدمة احدى الشركات والإضرار بالأخرى وهكذا «دواليك».

إننا للأسف ونتيجة التأثر بطفرة سوق الأسهم نتعامل مع الشركات المساهمة على أساس أنها أسهم تُشترى اليوم وتباع غداً وكأنها رموز لاستثمار يومي بينما واقع الحال انها تمثل شركات صناعية أو زراعية أو دوائية وخلافها من الأنشطة الأساسية في حياتنا واقتصادنا والمساهم فيها في أي وقت هو شريك يفترض ان تحترم شراكته وماله الذي تمثله أسهمه وأن لا يفترك مستقبل، بل وواقع تلك الشركات المساهمة الأساسية لحياة المجتمع تحت سلطة مطلقة غير مراقبة لمجلس الإدارة.

اترك رد