منبر «الغفران»

من السهل جداً تبني الشعار ومن الصعوبة بمكان الالتزام به، ومن الممكن بسهولة ادعاء الحياد ومن شبه المستحيل ممارسته خاصة عندما لا يكون الحياد هو الغرس الحقيقي والاستقلال بالرأي واحترام الرأي الآخر هو الثمرة الطبيعية.
استطاع مؤسس قناة «الجزيرة» تسخير المال لشراء التقنية الحديثة وإغراء عناصر صحفية متمرسة وذات مهنية عالية و«استئجارها» لتمثيل دور الإعلام المستقل المحايد.

لعل التمثيلية أثرت في مشاعر الكثيرين تماماً مثلما يتأثر عدد كبير من المشاهدين بأحداث مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي يداعب المشاعر ويشابه واقعاً مر بهم لكنه ليس الواقع نفسه.

لا الغرس كان لبذرة حياد حقيقية ولا السقيا جاءت بماء نقي فخرجت الثمرة جميلة الشكل لكن مذاقها يسوء يوماً بعد يوم تذكرك بالأغذية المعدلة وراثياً تحظى بالشكل وتفتقد القبول وتحس بخطورتها على الأجيال مستقبلاً.

الحياد في إعلامنا العربي لايزال حلماً بل أضغاث أحلام وإن وجد الرأي فإن الرأي الآخر لا مكان له إلا لهدف يخدم الرأي الأول ولا يتعارض معه أما منبر من لا منبر له فليس إلا رابغ الغول والعنقاء والخل الوفي!!

إذا كان بعض ما يرد في قناة «الجزيرة» يستهوي نفوس البعض ويشفي غليلهم فإن ادعاء هذه القناة للحياد، وتوفير منبر لمن لا منبر له، واتخاذ الرأي والرأي الآخر شعاراً ادعاء أثبتت كارثة «فخيذة الغفران» بطلانه وانكشاف ستره الذي نعترف انه كان قوياً وممعناً في السواد والغموض.

قبيلة «آل مرة» لماذا لم تكن قناة «الجزيرة» منبرهم عندما لم يجدوا منبراً؟!

ورأيهم لماذا لم تطرحه قناة «الجزيرة» وقد كان آخر؟!

عندما تتفاعل قناة «الجزيرة» مع فرد تعاطفاً مع إنسانيته وتهمل قبيلة أو فخذاً من قبيلة يتعرض أكثر من خمسة آلاف منهم للسجن والمداهمة وللتغريب والفصل من العمل ومسح انتمائهم إلى بلدهم وإسقاط الجنسية عنهم أباً عن جد وحياً ومتوفى فإن هذا يجب أن يجعل المشاهد مهما بلغ من البساطة والطيبة يعيد حساباته ويفكر جيداً في حقيقة شعار الرأي والرأي الآخر وهل هو شعار أم قناع يخفي وجهاً آخر من وجوه التبعية وعدم الحياد يمارس كذبة كبرى.

نريد من المشاهد المخدوع أن يتساءل أين المنبر من «فخيذة الغفران» وهم لا منبر لهم؟! مع أنهم لا يبعدون سوى أمتار إن لم تكن أشباراً عن المنبر بمراسليه وآلات تصويره ومذيعيه ومذيعاته؟!

لماذا كتب على العربي كلما أراد أن يفرح لا يجد مطرحاً للرأي والرأي الآخر؟!

اترك رد