الذئب الأمين

نحن نتحرى الأمانة في من نوكل إليهم المسؤوليات الجسام وهذا مهم للغاية، ولكن الأمانة وحدها لا تكفي {إن خير من استأجرت القوي الأمين} آية تدل على أن القوة تأتي قبل الأمانة في الأهمية عند استخدام عامل، لكن لا بد من توفرهما معاً لكي يكون من استأجرت نافعاً ومفيداً وخيراً.
وإذا كانت القوة في استئجار العامل ترمز للقوة البدنية فإن المسؤوليات الجسام تحتاج إلى قوة الشخصية، وقوة الموقف، وقوة اتخاذ القرار، وقوة الإقناع، وقوة مواجهة الآخرين والتصدي لمن يهدفون إلى استغلال المواقف لخدمة مصالحهم الذاتية على حساب المصلحة الوطنية.

الأمانة في المسؤوليات صفة سائدة، ليست نادرة ولله الحمد ولا يصعب توفرها ووجود أشخاص يتسمون بها لكنها لا تكفي دون القوة، مثلما أن القوة تكون خطيرة ما لم يتسم صاحبها بالأمانة!!

في الوقت نفسه فإن القوة الإدارية وصلابة الموقف صفة نادرة ويصعب أن تجدها في كل مسؤول أو غالبية المسؤولين فهي كالشجاعة والإقدام في الحروب تجدها في واحد من كل عشرة آلاف مقاتل إذا كنت محظوظاً جداً وهذا ما جعل عنترة بن شداد وحيد زمانه.

الإدارة هي الأخرى حالة حرب على الفساد والاستغلال وتحيّن الفرص لتحقيق مصالح خاصة على حساب الوطن، وحرب مع النفس ورغباتها ، وحرب مع شركات أجنبية ومحلية تريد أن تنهش إذا وجدت ضعفاً ، وحرب مع موظفين إذا لم يكن رئيسهم قوياً استضعفوه، ومواجهة مع ذئاب في مواقع متعددة إذا لم تكن ذئباً أكلتك.

نحن في بعض اختياراتنا نميل للحبيب المسالم الأمين بطبيعة الحال دون أن نحسب الحساب لقوته التي نحن في أمس الحاجة إليها لكي نرتاح ونطمئن إلى أن لديه القوى اللازمة للتجديف بالمسؤولية إلى بر الأمان، لديه القدرة على منع التسيب والفساد وحماية مصالح الوطن من جشع الانتهازيين وضمان حقوق المؤسسة في مواجهة الشركات والمؤسسات الأجنبية، أي باختصار لديه القدرة على أن يكون ذئباً فلا تأكله الذئاب وتأكل معه حقوق وممتلكات المسؤولية التي أوكلت إليه رغم أمانته وحبابته وبساطته.

اترك رد