ليس للاقتراح أدنى علاقة بما يدور من حوار ساخن حول قيادة المرأة للسيارة فأنا ممن يعتقدون أن قيادة السيارة لا تشكل للسواد الأعظم من النساء ولا للمجتمع هماً يذكر وأن تحاور الرجال حول هذا الموضوع لا يعدو تثبيت «أيديولوجيات» ومحاولة هزيمة أخرى.
أعتقد أن الوقت قد حان من ناحية إنسانية لإنشاء هيئة إنسانية تعنى بشؤون المرأة في دوائرنا، فالمرأة لدينا بدءا بالمعلقة الملازمة للمنزل لأن زوجها يرفض فك قيدها ومنحها الإذن المطلوب لمراجعة الدوائر وانتهاءً بالمرأة العاملة في مواقع الاختلاط بالرجال كالمستشفيات والدوائر الصحية والبنوك وغيرها جميعهن في أمس الحاجة لهيئة نسائية أمينة تتفقد أحوالهن وتسمع همومهن وتحميهن من اساءة معاملة الرجل أو «استغلاله» أو «تحرشه» وعلى أقل تقدير الإحاطة بمشاكلها العملية والأسرية الخاصة التي لا تفهمها إلا المرأة ولا يباح بها إلا للمرأة.
منذ عشرين سنة كانت فرص العمل للجنسين متاحة بشكل كبير والخيار واسع جداً، وكانت المرأة تلتحق بالأعمال الإدارية في المستشفيات وغيرها بخيارها ورغبتها بل إن الالتحاق بالعمل ككل قد يكون لتلبية رغبة إمضاء وقت أو ترفيه لمطلقة أو لمن فاتها القطار.
أما اليوم فإننا أمام سعوديات يعملن للصرف على أسر فقيرة أو أيتام أب أو زغب حواصل أو أسرة مدمن أو لمساعدة زوج على بناء أسرة تحظى بالحد الأدنى للعيش الكريم.
ضاقت فرص العمل وأصبحت المستشفيات والبنوك والدوائر المختلطة الخيار الوحيد أو أحلى الأمرين ولذلك فإن من حق المرأة المحافظة والخجولة وربما ضعيفة الشخصية أن تشعر بوجود سند نسائي يدعمها وتفضي له بما قد تتعرض له من ضغوط ومشاكل مع رئيسها الرجل تتراوح بين عدم جرأتها على التفاهم معه والمطالبة بحقوقها ورفضها أن تخضع بالقول «فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً» أو أن تضطر للتودد وبين أن تعجز عن أن تشتكي رئيسها إذا أوجست منه ريبة.
علينا ونحن نعيش عصر الشفافية أن نعترف بأن ثمة نساء في وظائف دنيا يرأسهن الرجال وثمة نساء في وظائف عليا أيضاً يرأسهن رجال وأن ثمة فوارق شخصية في القدرة على المطالبة بالحقوق والشكوى من الإساءة وان المسؤول الذكي المنصف المخلص لأمانة رعاية موظفيه يتوجب عليه إنشاء قسم خاص يعنى بالهموم الوظيفية للمرأة عامة ومن يرأسها رجل خاصة ويقوم على هذا القسم امرأة ويعمل به عدد من النساء لأن خير من يفهم احتياجات المرأة العاملة هي المرأة ولذا فإن القائمة على هذا القسم يجب أن تكون ممن لهن مواصفات خاصة منها التمرس في العمل الإداري في أكثر من قسم ومعرفة سياسات واجراءات العمل ولديها الفطنة والحساسية في التعامل وعدم الاستعجال وفهم مشاعر المرأة وابعاد الأمور والقدرة على إيصال المعلومة واقتراح الحلول ومتابعة تنفيذها وضمان سير اجراءات الموظفة والمعلومات في جو من الحفاظ على السرية الشخصية.
وإذا اقتنعنا بإنشاء قسم في كل دائرة يعنى بهموم المرأة العاملة فيها فإن إنشاء هيئة لشؤون المرأة سيصبح بمثابة بناء الجدار الصلب الذي تستند إليه كل تلك الأقسام.