Site icon محمد سليمان الأحيدب

عاش الطفل ومات الطبيب!!

كتبنا مراراً وتكراراً عن خطورة انشغال الأطباء الاستشاريين بأكثر من عقد للعمل في مستشفيات خاصة واهمالهم للمستشفى الحكومي الذي ينتسبون إليه نظاماً وحذرنا من تأثير ذلك على المرضى والأطباء المقيمين وحديثي التخرج وأطباء الامتياز في شكل تدهور لحالة المرضى نتيجة سوء ونقص المتابعة والإشراف، وضياع للأطباء المقيمين والمتدربين وطلاب الطب بسبب انشغال رئيس الفريق في «تأجير» وقته لأكبر عدد من رجال الأعمال!!.
بعض الأطباء بطبيعتهم يعتقدون أنهم فوق النقد ويغضبهم كثيراً وصف واقعهم بصراحة ودون مجاملة إلى درجة اعتباره موقفا عدائيا ضد مهنتهم، وبعضهم يتألم لما آلت إليه أخلاقيات المهنة من تدن شديد ويتمنى لو أن الجهات الرقابية والإدارية تتحرك لردع كثير من الأطباء عن الاساءة للمهنة أما المدير إذا كان ضعيفاً ولديه درجة عالية من روح النقابة والتعصب للمهنة فإنه لا يقبل أن تنتقد أو أن تعالج بطرق شفافة تكشف أن الطبيب شأنه شأن بقية الموظفين يخطئ ويقصر وتشغله المادة وحب الدينار والدرهم عن رسالته الإنسانية.

لم يتوقف الأمر عند اهمال المرضى والطلاب والأطباء المقيمين والهروب إلى المستشفى الخاص نهاراً جهاراً، لقد تعداه إلى رفض مريض في مستشفى حكومي وقبول نفس المريض في المستشفى الخاص رغم أن الرفض كان بسبب طبي بل وصل حد حرمان مصابين من نعمة العلاج في مستشفى حكومي مجاناً بحجة انه من المرضى الميؤوس منهم «طويلي الأمد» وهو ليس كذلك لا لشيء إلا لعدم وجود وقت للتركيز نحو مرضى المستشفى الحكومي وغياب الضمير أثناء تقييم الحالات.

فرغت للتو من التأكد من قصة طفل لم يتجاوز عمره خمس سنوات أصيب في حادث سيارة بعدة اصابات ونقل بالإخلاء الطبي لأحد المستشفيات الخاصة ريثما يحصل على قبول في مستشفى حكومي وحصل خاله على خطاب استثناء من محبي أعمال الخير ليعالج في أحد المستشفيات الحكومية الكبرى بالرياض وعندما عرض أمره على استشاري المخ والأعصاب رفضه مرتين رغم كل التوسلات والتوسطات بحجة أنه سيموت دماغياً ومن المرضى طويلي الاقامة وسيشغل سريرا في العناية لمدة طويلة ولن يتحسن!!.

نفس الطفل تم قبوله في مجمع الرياض الطبي «الشميسي» وخلال شهر أصبح يتكلم ويأكل ويحرك أطرافه غير المكسورة وخرج من العناية المركزة وسيخرج بإذن الله من المستشفى بعد جبر كسوره.

من المسؤول عن حرمانه من خدمات المستشفى الحكومي الكبير؟! ومن المسؤول عن بقائه في المستشفى الخاص عدة أيام بتكلفة تفوق خمسين ألف ريال؟! ومن يتحمل وزر قلق والديه وخاله وأقاربه عندما أشعرهم ذلك الاستشاري انه ميؤوس منه؟! أعتقد أنه انشغال الفكر والضمير بالمادة ولأنه ليس لاعباً أو فنانا أو مطلب إعلام.

Exit mobile version