هيئة الأسوار المغلقة

نزلاء ونزيلات دور رعاية القصر أو الأحداث والمقيمين والمقيمات في دور الرعاية الاجتماعية من العجزة والمقعدين بل والشابات اللاتي حكمت عليهن ظروف أسرية قاهرة أن تكون الدار مأواهم الآمن ونزلاء دور رعاية الأيتام واللقطاء والمرضى المنومين في مستشفيات العزل أو المستشفيات النفسية.
كل أولئك (وقد أكون أغفلت غيرهم) هم في واقع الأمر يعيشون داخل أسوار مغلقة ويقوم على رعايتهم بشر معرضون للخطأ والقسوة والظلم مثلما أن بعضهم أهل للتعامل بحسن نية وصلاح وضمير.

تساءلت في هذه الزاوية منذ سنوات وتحديداً في عدد «الرياض» رقم (12446) في 22 يونيو 2002م في مقال بعنوان (أسرى الحواجز لمن يشتكون؟!) ومازلت أتساءل: هؤلاء لو أُسيء إليهم أو جرى استغلالهم أو حرموا من حقوقهم أو ظلمهم عامل أو مشرف أو طبيب أو اخصائي اجتماعي، كيف يشتكون؟! ولمن يتظلمون وكيف لشكواهم أن تخرج من الأسوار المحكمة الغلق إلى الجهة الحكومية الرقابية التي لا يساورنا أدنى شك انها سوف تنصفهم وتدافع عنهم وترد حقوقهم إذا علمت، ولكن كيف لها أن تعلم وهم لا يقدرون على الشكوى؟!.

الإساءة والتحرش والاستغلال صور لمعاناة محتملة ولكنها قد تبدو للبعض بأنها الأبعد حدوثاً، ولكن حسناً ماذا عن قصور الخدمات وسوء الأحوال الصحية ونقص العناية اليومية، كلها أمور تتعلق بالإدارة المشرفة على المؤسسة وهي الخصم وهي الحكم.

إذا كان المواطن أو المقيم الذي يعيش خارج تلك الأسوار في منزله الذي يملك مفتاح الخروج منه قادراً على الشكوى والوصول عبر عدة قنوات، سواء بالمقابلة المباشرة لمسؤول أعلى أو الاتصال الهاتفي أو اللجوء للصحافة أو الشبكة العنكبوتية أو حتى إبلاغ قريب نافذ ومع ذلك فإنه يشتكي بألم وحرقة ويحتاج إلى تكرار الشكوى وسلوك أكثر من قناة حتى تصل شكواه، فكيف بمن ذكرت ممن لا سبيل لهم إلا الشكوى لإدارة المركز نفسه؟!.

الحل سبق أن اقترحته وهو ليس اختراعاً أو فكرة خارقة إنها مجرد إدخال طرف خارجي محايد يكون رقيباً حريصاً يقابل هؤلاء وفقاً لجدول زمني لا يعرف التخاذل.

اقترحت هيئة مستقلة تعنى بتقصي أحوال وظروف تلك الفئات ولا علاقة لها من قريب أو بعيد إدارياً ولا مالياً ولا تنفيذياً بالوزارة المعنية بشؤونهم.

هيئة لها صلاحيات نافذة تملك حق الرقابة والاستجواب والمساءلة وفرض العقوبة فإذا دخل موظفها أو موظفتها إلى الدار أو مستشفى العزل أو المؤسسة الاجتماعية وقابل نزلاءها ارتعد كل مستغل ومتحرش ومسيء ومقصر ومتواطئ وساكت عن الحق.

إنها مسؤولية فئة اجتاعية لها تأثيرها على المجتمع بالانجاب والتربية والخروج إلى العالم الفسيح مستقبلاً والتأثير فيه بمثل ما تأثرت به وقبل هذا وذاك هي شريحة من رعية وكل راع مسؤول عن رعيته وزيراً كان أو غيره.

فقط لنتذكر أن شكواهم لا تصل وأنهم لا يستطيعون الوصول وعلينا أن نصل إليهم في عقر دارهم المسورة.

اترك رد