استشهدت بمقارنة بين ارتفاع أسعار الدواء بمباركة وزارة الصحة وبقاء سعر الدخان دون زيادة كنتيجة لسلبية نفس الوزارة وهي المعنية بعلاج مضاعفات التدخين الخطرة والمكلفة .
وأشرت في تلك المقارنة التي نشرت في هذه الزاوية يوم الخميس الماضي إلى أن السماح لشركات الأدوية برفع أسعار الدواء دلالة ضعف وزارة الصحة التي تحتاج إلى قوي، وكانت الإشارة إلى رفع أسعار الدواء على المرضى عابرة كعنصر مقارنة، وأرى أن مثل هذا الموضوع لا يجب أن يكون عابراً مثلما أنه يفترض أن لا يعبر كقرار بالطريقة التي تمت خاصة وانك تتحدث عن عنصر أساسي للحياة وليس سلعة ترفيهية أو حتى غذائية لها بديل .
إن ثمة شريحة كبرى فقيرة تعيش على أدوية السكر والضغط وتجلط الدم وأمراض القلب والغدد وعلاجات الأورام والكبد ومضاعفات زراعة الأعضاء .
وإن كثيراً من المرضى من المواطنين لم يعد لهم مرجعية علاجية في ظل قلة انتشار وانخفاض مستوى وقدرات مستشفيات وزارة الصحة وشح تخصصها مقارنة بالمستشفيات المتقدمة والمتخصصة للقطاعات الأخرى والتي أصبحت ترفض علاج غير منسوبيها وحتى لو قبل المريض بطريقة استثنائية في تلك المستشفيات فإنه يدفع تكاليف علاجه ويدفع قيمة الدواء او يشتريه من الصيدلية .
فهل من المقبول في ظل هذا القصور أن تقبل وزارة الصحة رفع سعر الدواء بتلك الصورة التي تنظر بعين الاعتبار لمشكلة شركات ووكلاء الدواء مع ارتفاع سعر اليورو ويكون ذلك على حساب المواطن المسكين؟ .
إنه وبحكم قربي من هذا المجال واهتمامي بهذا الموضوع أعلم أن مطالبات تجار الدواء بدأت منذ عدة سنوات لكن الوزارة كانت أقوى من أن تستجيب لهم على حساب المستهلك بل إن الإجتماعات والنقاشات بين الوزارة وتجار الدواء وصلت إلى حل قبلته جميع الشركات عدا واحدة ألمانية غير مهمة ولا نستورد منها إلا صنفاً أو اثنين لهما بدائل ويتلخص الحل في تثبيت سعر الدواء بالدولار لمدة خمس سنوات قادمة بحيث يقسم فرق سعر العملة المقدر بحوالي 24٪ على ثلاثة هم (الوكيل أو الشركة) و(الوزارة) و(المستهلك) وبذلك فإن الدواء لن يرتفع على المستهلك بأكثر من 8٪ في أسوأ الأحوال وقد لا يرتفع مطلقاً .
أما ما يحدث اليوم فهو اعتماد حل لم يكن تجار الدواء يحلمون به واعتمد على أعلى سعر وصله اليورو فأصبح معدل ارتفاع سعر الدواء حوالي 15٪ ووصل في بعض الأدوية إلى 34٪ بكل أسف . وهو ما ينم عن ضعف وزارة الصحة ورضوخها بسهولة لضغوط التجار وهي ضغوط لا يمكن أن تنتهي .
كما أنني لا زلت أرى أن ارتفاع سعر الدواء الذي هو عنصر حياة لكثير من المواطنين وبقاء الدخان رخيصاً وهو اداة فناء للآلاف منهم يعد مقياساً فعالاً لحجم الضعف في وزارة الصحة.