منذ أن تشرفت بنشر خبر ضحايا شرائط تحليل السكر المغشوشة يوم الاربعاء الماضي وهاتفي المحمول لم يهدأ وكذلك الهاتف الثابت، وجميعها مكالمات لمواطنين ومقيمين يحترقون ألماً لما يتعرضون له من غش دون تحرك جهة لتحميهم ويزيدهم حرقة أنهم حتى على مرض السكر لم يخلوا من الحسد!!.
غني عن القول إن أكثر من 10٪ من مرضى السكر هم من الأطفال الذين لا يقدرون على التعبير عن حرقتهم بل لا يمكنهم الاستفادة من التوعية التي صاحبت نشر الخبر ولا يمكن لوالديهم إدراك تعرضهم لجرعة زائدة من الأنسولين أثناء نومهم وبالتالي فقد تموت أكبادنا التي تمشي على الأرض وهي نائمة.
في موقع جريدة (الرياض) الالكتروني وصل عدد التعليقات حتى ساعة كتابة هذه الزاوية صباح الجمعة إلى أربعين تعليقاً بعضها يتساءل عن تقاعس إدارة مكافحة الغش التجاري في حماية المستهلك من الغش واقتصار اهتمامها على حماية العلامة التجارية، والبعض الآخر يبكي بحرقة ما آلت إليه حال وزارة الصحة من ضعف في الرقابة وليونة في التعامل مع المتاجرة في الطب سواء كانت المتاجرة نظامية أو مخالفة وقد تساءل أحدهم بحرقة ما إذا كانت وزارة الصحة تجتهد في حماية المريض مثلما تفعل لحماية الطبيب وأنا أقول والتاجر.
هذا الكم الهائل من التفاعل مع المشكلة من الناس ليس مستغرباً ولا يعد اكتشافاً فالاكتشاف المذهل الذي نقلته تفاعلات القراء مع الخبر هو أن عدداً من مسؤولي المكاتب العلمية للشركات المصنعة للشرائط الأصلية تطوعوا أصالة عن أنفسهم ونيابة عن شركاتهم وخاطبوا إدارة مكافحة الغش التجاري رسمياً حول وجود شرائط مقلدة لمنتجاتهم تعطي قراءات خاطئة وتهدد أرواح المستخدمين.. فما الذي حدث؟!
مكافحة الغش التجاري أشعرتهم شفهياً أن عليكم أولاً تسجيل منتجكم كعلامة تجارية لتتم حمايته وعندها فإننا سنحمي العلامة التجارية إذا نما إلى علمنا أن أحداً يقلدها!!
يقول أحد المواطنين المخلصين في إحدى تلك الشركات إن إدارة المكافحة أصبحت تتوسل إليه بخطابات رسمية بعد نشر الخبر أن يزودها بتفاصيل شكواه مع العينات!!.
مواطن آخر أيضاً مخلص ويعمل في شركة مصنعة للأصلي طلب مقابلة وزير الصحة لابلاغه بأمر التقليد الخطير منذ عدة أشهر، وتركه مدير المكتب ينتظر لعدة ساعات وعندما ألح عليه بأنه متطوع لإبلاغ الوزير عن موضوع مهم (وشرح الموضوع) أبلغه مدير المكتب أن كل من في صالة الانتظار «يعتقدون» مثلك أن مواضيعهم مهمة، فحمل حقيبته وغادر!!
لابد أن مدير المكتب الآن يبحث عن المواطن الغيور ليتوسل إليه بالعودة.
لماذا يا جماعة لا نتحرك حتى نرى الصحافة تهز مقاعدنا؟! لماذا لا نتذكر دائماً أن حسيبنا الله يعلم سرنا ونجوانا وما تخفي صدورنا؟!