تجاوزات ظالمة

الممارسة ضد مرضى المستشفيات الحكومية ومرافقيهم التي تناولتها في مقالة الأحد الماضي والمتمثلة في تعاقد المستشفيات مع مؤسسات (ونوش) لسحب سيارات المرضى وحجزها وتغريمهم مبالغ مالية مقابل استلام سياراتهم تشتمل على عدة تجاوزات ذكرت منها ما له علاقة بالجوانب الإنسانية، وأذكر هنا ما يتعلق بعدم نظامية الاجراء وعدم مشروعيته و منها على سبيل المثال لا الحصر : أن التصرف في ملكية خاصة للمواطن أو المقيم (وهي هنا السيارة) لاتجوز ممارسته لغير الجهات المخولة رسمياً وهي المرور والشرطة ولا يحق لجهة صحية أو مستشفى فعل ذلك بنفسها فما بالك عندما تخول جهة تجارية بممارسة ذلك الفعل لتحقيق كسب مادي.
والثاني أن من خول بتحديد السيارة التي تسحب على أنها مخالفة هو عامل للمؤسسة وليس صاحب اختصاص في تمييز ما هو مخالف مما هو غير ذلك !!.

والثالث أن تحديد المبلغ جاء دون مسوغ نظامي أيضاً وبناء على اتفاق جهة حكومية غير ذات اختصاص مع تاجر مستفيد من زيادة المبلغ.

والرابع أن المبلغ إذا كان ضمن بنود الجزاءات والعقوبات فالمفترض أن يدخل خزينة الدولة وليس خزينة مؤسسة تجارية ولا حتى جهة حكومية غير وزارة المالية.

هذه التساؤلات وغيرها كثير لا بد من إثارتها بشدة والتعامل معها بحزم من قبل الجهات الرقابية ، أما نحن كصحافة فإننا لا بد أن نثير مسألة هامة جداً وهي مدى وعي المواطن بحقوقه وما يفترض أن يتقبله من عدمه وممن يتقبل الإجراء ولماذا ؟

إن علينا توعية المواطن والمقيم بما يحقق حمايتة من استغلال طيبته وتسامحه ، فإذا كان قد بلغ درجة كبيرة من تقبل ما تقرره الأنظمة في حقه فإن من حقه علينا توعيته بصفة دائمة ومستمرة بماهية الجهة أو الفرد الذي لديه الصلاحية لتنفيذ الأنظمة في حقه حتى لا يحدث ما يحدث حالياً من استغلال لهذه الطيبة من ممارسات.

من الإنصاف أن نقول أن الدولة تولي ما يتعلق بمصير المواطن و المقيم من قرارات أهمية كبيرة ورسمت لها آلية بالغة الدقة تكفل الإنصاف والحيطة إلى درجة أنها لا تصدر إلا بعد تمحيص هيئة الخبراء ومجلس الشورى وتصدر عن أعلى مجلس تشريعي هو مجلس الوزراء.

لكن الاجتهادات تأبى إلا أن تتدخل بطريقة غير مقبولة ولعل ما ذكرناه آنفاً أحد الأمثلة أما المثال الثاني فهو ذلك التصريح الصحفي من وزارة الصحة الذي يمنح المستشفيات والمستوصفات الخاصة رفض استقبال الحالات الإسعافية ما لم تكن حالة حرجه وذلك دون توفر تعريف للحالات الحرجة الأمر الذي جعل تلك المستشفيات تتفنن في رفض إسعاف المصابين وتتركهم عرضة للمضاعفات والخطر مع أن نظام الدولة في هذا الصدد واضح وصريح وقديم لا يفترض أن يلغيه تصريح صحفي!!.

اترك رد