براءة الصحافة بشهادة المياه

يرى بعض المسؤولين أن الصحافة تهدف للإثارة ويحاولون ترسيخ هذا المفهوم والتشبث به عندما يتعرضون للنقد .. ويحتجون أحياناً بأن الكاتب لو أراد حل مشكلة دون إثارة فلماذا لم يتصل بنا ؟!
الحقيقة أن الجهات الحكومية والخاصة هي من يجبر الصحافة عامة والكتّاب خاصة على معالجة كل مشكلة بطرحها على بساط صاحبة الجلالة، ويأتي ذلك من خلال عدم حل مشاكل المواطنين ما لم تطرح في الصحافة وعدم التجاوب مع الكاتب إذا اتصل أو بعث برسالة ولم ينشرها وفي الوقت ذاته التجاوب على أعلى المستويات عندما تنشر الشكوى وغالباً ما يعقب النشر حالة استنفار في الجهة المنتقدة .

هناك من المسؤولين من يغلق كل الأبواب أمام المواطن المتظلم فلا يجد أمامه غير مخرج الصحافة ليحصل على حقه .

على سبيل المثال انتقدت ذات مرة وزارة المياه والكهرباء عندما ركزت على أدوات الترشيد وكأنها وزارة ترشيد بل ولم تشمل في حملتها المسابح وقنوات الهدر الكبرى فئة (8) بوصات التي تفوق كثيراً هدر سيفون أو صنبور (رُبُع) بوصة . وتكاثرت أن يخرج الوزير بنفسه في قنوات التلفزة ليشرح أمراً هو أقرب للسباكة منه لرسم الإستراتيجيات .

بعد النشر بيوم واحد اتصل معالي الوزير مشكوراً ووجه لي الكثير من الأسئلة ووعدني بإعطائي الفرصة لإجابتها.

بعد أشهر أرسلت لمعاليه خطاباً أحسبه رقيقاً يتعلق بقطاعين تحت مسؤوليته الكهرباء والماء أشرح فيه ما يعانيه المواطن من صعوبة في تسديد فواتير الكهرباء عند اقتراب فصل التيار فالبنوك ترفض بحجة فوات موعد السداد ومكاتب الكهرباء لا تقبل الدفع نقداً وتمنحك فاتورة جديدة لا تقبلها البنوك إلا بعد ثلاثة أيام لأن المعلومات لم تحدث وموظفو الفواتير لا يردون على الهاتف، وتطرقت أيضاً لمعاناة المواطن المطبق بحقه مخالفة تسرب ماء من رفض تظلمه وعدم تواجد مسؤول المخالفات في مقر عمله (وهذا أشد من المخالفة) أو انه لا يسعد بسماع حججه.

ثم تساءلت ما الذي ستفعله أرملة أو شيخ كبير أو فقير يستقل الليموزين ليسدد فاتورة فترفضه الشركة والبنوك ولا يجد من يرد على هاتفه ليعرف أين يستقل الليموزين في مشواره القادم ؟! ومن يستمع إلى مرافعة متظلم من غرامة إذا كان مسؤول الغرامات لا يداوم أو في برج عاجي ؟! .

خمسة أشهر مضت ولم يرد الوزير لا هاتفياً ولا بالفاكس ولا بريدياً وعندما اتصلت بمكتبه قيل لي إن الشكوى «أحلناها» أي نحن الكتبة إلى شركة الكهرباء ومصلحة الماء !! (أي لخصوم الشكوى) مع أن الرسالة كانت لمعالي الوزير !!.

كان الأجدر بي أن أنشر ما كتبت لأحصل على تجاوب سريع، مباشر، وغير فعال .

اترك رد