العروس ومسيار وزارة الصحة

منذ حوالي عشرة أشهر وتحديداً في 12 و 15 مايو 2005م كتبت زاويتين من «بصوت القلم» في هذه الجريدة أحذر من «الآنسة ناموسة» الناقل الرسمي لجميع ما عرف وما لم يعرف من الأوبئة التي تنتقل من مريض إلى سليم مثل الملاريا القديمة الجديدة أو بالنقل الجماعي لمجموعة من الفيروسات ونشر عدد من الأمراض الفيروسية .
واستغربت توقف رش البعوض في مدننا الرئيسة وأن البعوض بات يدمي مقلة الأسد، ونحن أسد في إنجازاتنا الطبية وأسد في كوادرنا المتخصصة المتابعة للدراسات والإحساس بدرجة الخطورة وأسد في جمال مباني البلديات والحضارة الأسمنتية، لكننا رغم كل هذا الكم من التقدم عاجزون عن قتل بعوضة .
ما حذرت منه وقع وهاهي الآنسة ناموسة تهتك صحة جدة وما حولها، و«تنشر» حمى الضنك، ومسؤولو وزارة الصحة منشغلون «بنشر» أخبارهم الخاصة وردودهم اليائسة.
تقول جريدة «الحياة» إن وزارة الصحة وأمانة محافظة جدة اتفقتا أخيراً بعد أن زالت الخلافات بينهما حول المسؤولية عن حمى الضنك وبدأتا جهداً مشتركاً لإعداد حملة «ضخمة» لمكافحة المرض وتوعية الجمهور بخطورته .
قلتها أكثر من مرة وكتبتها مراراً أن بعض وزاراتنا تتهرب من الجهود المشتركة والأنشطة متعددة الأطراف مع أنها الأسلوب الصحيح الفاعل، وهذا التهرب سببه أن كل وزارة تبحث عن الضوء المنفرد والمردود الإعلامي ووزارة الصحة واحدة من أشهر الأمثلة.
لم تتفق الصحة وأمانة جدة على جهد مشترك إلا بعد أن زالت الخلافات حول مسؤولية مشتركة (نفس الشيء حدث مع وزارة الزراعة إبان أزمة حمى الوادي المتصدع).
لا أدري لماذا «المسؤول» لدينا شغوف بنفي المسؤولية أكثر من شغفه بحل المشكلة «ليست مسؤوليتنا، خارج صلاحيات الوزارة، لا علاقة لنا بما يحدث» كل عبارات النفي تلك تأتي عند حدوث مشكلة، أما إذا حضر «الفلاش» فإن الأمر ينعكس تماماً !!.
الصحة مسؤولة وبدرجة وكالة وزارة مساعدة عن الوقاية من الأمراض «طب وقائي» ويفترض ولا أجزم أن هذه الوكالة تدرك أن البعوض إذا انتشر فإن الأمراض تنتشر، والبعوض من أخلاقياته أنه لا يميز بين مدير ووكيل أو حتى وزير ومراجع ومواطن عادي، فالآنسة ناموسة تقبل أي جلد وجلدة فهل كانت وزارة الصحة تجهل تكاثر البعوض أم أنها تجهل أضراره أم أن وكالة الطب الوقائي تحتاج لوقاية؟!
لماذا لم تبدأ تلك الحملة المشتركة لمكافحة البعوض إلا بعد أن انتشر المرض؟! وكم مضى من الأشهر التي استغلتها الآنسة ناموسة في التكاثر إبان وجود خلاف بين الصحة وأمانة جدة على «من المسؤول»؟!.
تزوجت الآنسة وأنجبت وقتلت ونشرت يرقاتها في مدن رئيسة وليست هجراً نائية ووزارة الصحة وأمانة جدة تحتفلان باتفاق على إزالة الخلاف في عرس أشبه بالمسيار لابد له أن ينتهي، لتبدأ الصحة خلافاً جديداً واتفاقاً جديداً ومسياراً جديداً مع أمانة مدينة أخرى وأحفاد الآنسة ناموسة يحتفلون.
البعوض يعج في الرياض وغيرها فهل ننتظر نقله لمرض جديد أو نفس المرض حتى نتحرك؟!.
صحيح أن ردم المستنقعات ورشها ورش البعوض مسؤولية البلديات وأهملت مؤخراً في القيام به، لكن الأمراض الناجمة ومضاعفاتها تعالجها وزارة الصحة فيفترض أن تكون الأحرص على منع المسببات قبل حدوثها وأن تكون الحملة «الضخمة» قبل أن تقع الفأس في الرأس.

اترك رد