عندما سقط نسر نافق في الفناء الخلفي لمنزل الرئيس المقدوني برانكو كوفينكوفسكي أجبر الرئيس على البقاء في منزله خوفاً من أن يكون مصاباً بأنفلونزا الطيور وتم اتخاذ كل الاجراءات الاحتياطية وتطهير المنطقة وبقي الرئيس قيد الإقامة الجبرية أكثر من ثلاث ساعات لابد أنها كانت حافلة بالمواعيد المهمة.
كل ذلك حدث رغم أن مقدونيا لم تسجل أي حالة من وجود سلالة (اتش 5 إن 1) المميتة من فيروس انفلونزا الطيور.
الاحتياطات بنيت على أساس أن اليونان التي تقع على الحدود مع مقدونيا سجلت وجود الفيروس.
عندما ينتشر وباء قاتل أي وباء حتى لو كان الناقل له هم البشر فإن الاحتراز يجب أن لا يقف عند حد ويكون حتى الهلع والخوف السكاني أمراً طبيعياً واستجابة متوقعة.
وإذا كان الوباء ينتشر عن طريق أجسام طائرة كالطيور تنتقل «بدون حدود» وبدون جواز سفر ولا حجر صحي وتعدي أي زميل طائر آخر من أي نوع فإن الاحتراز يفترض أن يصل اللون الأحمر بناءً على التقليد الأمريكي (أمريكا تموت في الشكليات وتموت بها).
الهلع السكاني هنا أمر متوقع وبشكل كبير وإذا كان الأمر كذلك فيفترض أن تكون الجهات المعنية جاهزة للتجاوب مع أي بلاغ عن نفوق طائر، بل تجهز عدتها لاستقبال أي بلاغ عن طير هوى في أحد السطوح، وأهم هذه العدة الخاصة باستقبال البلاغات خط ساخن لوزارة الزراعة وآخر لوزارة الصحة أو واحد لهما معاً بدلاً من خط النفي البارد لكل من وزارة الصحة ووزارة الزراعة بعدم احتمالية انتقال الوباء لنا وكأننا محاطون بشبكة تمنع طيور العالم من العبور إلينا.
الحمام الذي تكاثر منذ عدة سنوات كان نفوقه أمراً طبيعياً إما بفعل العطش في السطوح أو بفعل صفعة خطافية من قط أقشر أو «شطفة» «رفرف» سيارة تجعله «لا يرفرف» أما اليوم فإن الوضع قد اختلف وثمة سبب مخيف محتمل ولا يفترض أن يمر نفوقه اليوم مرور الكرام ويجب أن نبلغ عنه إذا كانت لدينا النية أن نحتاط مثل بقية العالم المتقدم.
إذا وجدت ربة منزل أن الحمام «الذي كان على الغابة ينوح» قد فرش جناحيه في حوش المنزل أو ممراته أو سطحه فبمن تتصل؟ ومن تبلغ؟ ومن يطمئنها انها لن تفرش ذراعيها بجانبه؟ ولماذا لا يكون هناك خط ساخن بل خطوط ساخنة للتبليغ عن هذه الحالات؟!
أرجو أن لا يقول أحدهم إن الأمر صعب لأن الاتصالات تمنح الخطوط بوفرة والباحثون عن العمل متوفرون والأمر غاية في الأهمية وهو دون أدنى شك أهم من الخطوط الساخنة للعلاقات العامة الخاصة بنشر تحركات المسؤول وأهم من خطوط الاتصال بقنوات الفضاء لطلب أغنية «حمام جانا مسيان»!!
الذي ينقصنا ليس «خطاً» بل «حظ» في موظف جاد وطني.. لاحظوا أنها نقطة تحركت من «الخاء» إلى «الطاء» فغيرت في أولوياتنا تلك الأولويات العجيبة التي يرسمها «الهوى» فأعاننا الله إذا الطائر المحلق هوى.