بعرة الصحة

نحن عرب، والعرب اشتهرت عنهم الفراسة وهم من قال: «البعرة تدل على البعير»، أي أن من السهل على من لديه شيء من الفراسة أن يدرك ما يدور مما يدور، فيعرف أن ثمة بعيراً إذا رأى البعرة!!.ما يدور الآن على أرض الواقع العملي (وليس الشائعات أو الأقاويل) أن أسعار الأدوية رفعتها وزارة الصحة بنسب عالية زادت عن 37٪ في كثير منها ووصلت نسباً أعلى في بعضها الأخر وكل ذلك يأتي على كاهل المريض ولمصلحة شركات الدواء ووكلائها ويأتي في وقت يشتري فيه المرضى السعوديون أغلب أدويتهم لأن المستشفيات لا تصرفها، وسبق أن عقبت وزارة الصحة على ما كتبته حول هذه الزيادة ووعدت بحل الموضوع سريعاً ومضت أشهر ودورت وظائف ورحل من كتب الرد من موقعه ولم يتحرك في سعر الدواء ساكن وإن كان حرك أعصاب ومشاعر المستهلكين وأوغر صدورهم!!.

وما يشهده الواقع العملي أيضاً أن الأطباء الاستشاريين الحكوميين المدفوع لهم بدل تفرغ من الدولة يعملون بطرق غير مشروعة في المستشفيات الخاصة والأهلية وبدون أي مسوغ نظامي وأصبحوا يتبجحون بهذا العصيان ومخالفة جميع اللوائح والنظم ويظهرون في الصحف وقنوات الفضاء ويغيبون عن عملهم الحكومي أثناء الدوام الرسمي، صباحاً وظهراً وعصراً، وأهملوا مرضاهم فزادت الأخطاء الطبية القاتلة وطالت مدة بقاء المرضى في المستشفيات الحكومية وما يترتب عليها من تكاليف وزادت الشكوى وانخفض مستوى الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية رغم ما وفرته لها الدولة من تجهيزات وبنية تحتية قوية وصرفت عليها مبالغ باهظة. ومعلوم أن هذه الممارسات وهذا الخروج عن أخلاق المهنة ومخالفة أنظمة الدولة يمكن لوزارة الصحة قطع دابره بمراقبة المستشفيات الخاصة التي يعملون بها وتغريمهم لسماحهم لطبيب حكومي لا يتبع لهم نظاماً أن يمارس المهنة لديهم ومجموعة أخرى من الخطوات التي يمكن أن تنهي تماماً هذه السلوكيات المشينة، لكن الوزارة لم تفعل!!.

هذا التغاضي من وزارة الصحة عن ممارسة دورها في حماية المريض من رفع أسعار الدواء، وغياب الأطباء الحكوميين إلى جانب ارتفاع غير مبرر لفواتير المستشفيات الخاصة والأهلية وإهمال الخدمات الإسعافية فيها بل ورفض استقبال المريض في إسعاف المستشفيات والمستوصفات الخاصة مما جعل بعض المصابين يموتون على أبواب تلك المستشفيات التي دعمها الوطن أيما دعم ولايزال، وانتشار الدعاية الدوائية الممنوعة اصلا وغيرها كثير ألا تدل على أن الوزارة تمارس ليناً غريباً مع القطاع الخاص يصل حد الضعف أو غض الطرف؟!

وهذا يشير إلى ماذا؟! ألا يَطرح تساؤلاً عن ماهية الوزارة وماهية القطاع الخاص وما وجه الشبه بين عناصر كل منهما؟!.

في برود وزارة الصحة نحو الانتصار للمريض أليس ثمة بعرة تدل على بعير؟!.

اترك رد