قنوات الرحمة

دعونا نعقد مقارنة بسيطة وسريعة بين مجموعتين من القرارات لا يفصل بينهما إلا حوالي شهر أو يزيد.المجموعة الأولى قرارات اتخذتها هيئة سوق المال السعودية وطبقتها فوراً وعلى حين غرة من صغار المساهمين أدت إلى انهيار السوق وحدوث ما حدث ولعل أخطر تلك القرارات تحديد نسبة التذبذب بمقدار خمسة في المائة.

المجموعة الثانية التوجيهات الملكية المنقذة للسوق والتي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «ملك الإنسانية» والتي أعلنت في حينها ووجه يحفظه الله بسرعة دراسة حلول أخرى كالتجزئة والسماح للأجانب بالدخول للسوق مباشرة وليس فقط عبر صناديق الاستثمار وهذه الأفكار المنقذة صدرت بقرارات من مجلس الوزراء في جلسته يوم الاثنين الماضي 27 صفر 1427ه. وأدت إلى انتعاش السوق وانتعاش الشارع وهو الأهم.

عندما نقارن بين الحالتين أو المجموعتين نجد أن قرارات هيئة سوق المال جاءت مرتجلة، غير مدروسة وغير شفافة بدليل المباغتة. بينما جاءت المجموعة الثانية بعد أن تمت دراستها من قبل عدة لجان ثم أيدها وصادق عليها مجلس الشورى وأصدرها مجلس الوزراء.

السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تمر القرارات «السلبية» المخيفة التي اتخذتها هيئة السوق عبر قنوات الدراسة تلك وخاصة مجلس الشورى ليتسنى دراسة كافة أبعادها ونتائجها قبل الموافقة على تطبيقها بينما القرارات الإيجابية «المبشرة» مرت عبر تلك القنوات وهذا جيد.

أنا أعلم جيداً أن مجلس الشورى يدرس ما يحال له من مجلس الوزراء، وأعرف أن أي هيئة يمكنها اتخاذ قرارات تنظيمية على مستوى الهيئة ولا تُحال إلى مجلس الشورى، ولكن كان بالإمكان وحسب المعتاد وبناء على ما تقتضيه حساسية القرار وتأثيره على شريحة كبرى من المواطنين بل جميعهم أن ترفع الهيئة مقترحاتها لمجلس الوزراء ليحيلها لهيئة الخبراء أو اللجان المختصة ثم مجلس الشورى.

وأجزم أن هذا لو حدث فإن تلك القرارات وخاصة خفض نسبة التذبذب لا يمكن أن تصدر أو تقر من أي من اللجان المختصة أو هيئة الخبراء أو مجلس الشورى لأنها ببساطة قرارات ذات هدف سطحي وتأثير عميق الخطورة.

أتمنى أن لا يسمح مستقبلاً لأي مؤسسة أو وزارة أو هيئة أن تتخذ قراراً يمس غالبية الناس في شؤون تعليمهم أو صحتهم أو أموالهم وأرزاقهم ما لم يمر عبر (قنوات الرحمة) مجلس الشورى ومجلس الوزراء.

اترك رد