Site icon محمد سليمان الأحيدب

الفساد ليس مالياً فقط!!

أجهزتنا الرقابية تركز على نهايتين طرفيتين في أمر الفساد الإداري، تفصل بين احداهما والأخرى مسافة شاسعة تشكل أكثر حالات الفساد شيوعاً وأبعدها عن عين الرقيب لأنها تقع في الوسط أو الظل.
أجهزتنا الرقابية تركز على الاختلاس أو الفساد المالي كحد أعلى وتركز أيضاً على أمر الالتزام بالحضور والانصراف كحد أدنى، لكن ثمة ممارسات خطيرة وصور من صور الفساد الإداري المؤثر جداً تحدث في منطقة الوسط بين الحدين، وهذه يعرفها من يعمل في الإدارة أو المؤسسة أو الوزارة لكنها غائبة عن الاهتمام مع أنها الأخطر والأكثر شيوعاً والأكبر تأثيراً في عامة الموظفين والمراجعين والمستفيدين من الخدمة وبالتالي أكثر مسببات الإحباط.

الفساد الإداري ليس مالياً فقط بل له عدة صور وأشكال وممارسات أكثر خطورة من هدر المال العام أو اختلاسه.

عندما يستر المدير على فاسد مهنياً فهذا فساد خاصة عندما يكون ثمة ضحية لهذا الفساد المهني، وعندما يكون المعتدى عليه ضعيفاً أو عديم حيلة أو قاصرة أو جاهلة أو مريضة نفسية!!

تفضيل القريب أو ابن القرية أو الصهر على زملائه وتعيينه في درجة أعلى ممن هم أكثر منه تأهيلاً وأولى استحقاقاً شكل آخر من أشكال الفساد الإداري سيما أنه مداعاة لإحباط العدد الأكبر من أجل واحد واستغلال للوظيفة في ترسيخ صلات عائلية.

حرمان أصحاب الحقوق من حقوقهم المشروعة من أجل ادعاء التوفير في الوقت الذي يسرف المسؤول فيه من الصرف على نفسه والمقربين منه وتأثيت مكتبه وضمان انتدابات المحيطين به واحد من أشكال الفساد فكم عطلت مصالح بحجة ضعف الميزانية بينما أهدرت الأموال على أثاث وشكليات ورحلات ترفيه.

سرقة أفكار المبدعين ونسبتها للمدير صورة شائعة لفساد غير مالي لكنه أخلاقي خطير فمن يكذب «خف منه» ولا تأمنه على بيضة وإن «رجن» عليها مدعياً حفظها.

شراء ذمم النقاد بأموال المؤسسة ومن أجل التطبيل لأشخاص لا لمنجزات فساد لا يقل خطورة عن شراء ذمم المقاولين واختلاس الأموال.

لقد أصبح على الأجهزة الرقابية أن تكون أكثر شمولية وأوسع تغطية لصور وأشكال الفساد الإداري الذي يؤثر وبقوة على صورة الوطن وعطاء أبنائه الصالحين والخدمات التي يبذلها قادته من أجل تحقيقها جهداً وإخلاصاً وصدق نية ثم يأتي من يشوهها أو يبترها لأنه يخلص فقط لنفسه وأقربائه ولا يعمل من أجل وطنه.

Exit mobile version