Site icon محمد سليمان الأحيدب

رسائل حوار الفقيه

حلقة مليئة بالفخر والعبر والثقة، تلك التي استضاف فيها برنامج الإخبارية (رجال في الذاكرة) رجلا كانت له الريادة بصمت في عالم الجراحة هو الدكتور محمد بن راشد الفقيه.
لن استطيع أن الخص ما جاء في الجزء الأول من البرنامج فقد كان غنيا جدا، لكن لابد من التأكيد على ما يعد بحق دروسا لغيره من الأطباء والمهنيين.

الرجل كافح في تعليمه أثناء كفاح والده طلبا “للرزق خارج الوطن وتحديدا” في الزبير، لكن الولاء كان واستمر للوطن!!، وكافح في اختيار أصعب مجالات الجراحة وأقلها فرصا للنجاح فحقق لوطنه (وليس لشخصه وحسب) فخر الريادة وبتدريبه عشرات الخلفاء في مجال التخصص حقق استمرارية النجاح حتى بعد تركه جهة عمله، ولم يتركها إلا “متفرغا” لنفس المجال، وهذه رسالة لمن يجمعون بين العمل الحكومي والخاص ويضيعون مرضى الطرفين!!.

الدكتور محمد الفقيه لم يبحث عن بهرجة الإعلام وشخصنة الانجازات في الإعلام الداخلي، وعمل بصمت، لكن أصحاب الاختصاص الجراحي عالميا عرفوه فبحث عنه الإعلام العالمي قبل الداخلي.

عندما سئل ما إذا كان قد سعى للشهرة والكسب المادي، قال لن أتحدث عن الشهرة وأترك أمرها للناس أما الكسب المادي فلو سعيت له لما عملت 26سنة براتب ديوان الخدمة بينما أجر عمليتين في القطاع الخاص يساوي راتب شهر ويمكنني أن أجريهما في يوم واحد، لكنني لم أفعل، وهذا جوابي.

قال إن شهرة الطبيب يحددها أهل الاختصاص بناء على نوعية العمليات ونتائجها وعددها (أي ليس بأحدها فقط)، وقال أيضا إن الطبيب الذي لا يستمع لمريضه ولا يمنحه الوقت الكافي ولا يتابعه بدقة في جميع المراحل، لا يمكن أن يتطور بل الأقرب أن يتخلف ويتقهقر بسرعة لأن سماع شكوى المريض أهم عناصر الإلمام بحالته (وهذه رسالة لمن يديرون ظهورهم لمرضاهم بحجة التعالي على المريض).

وفي حكمة قل من يتحلى بها رد على سؤال حول الموقف مع المريض حينما يكون شخصية هامة مثلما حدث مع رئيس وزراء إحدى الدول أو شخصيات سياسية عربية فقال إننا لا نغير أسلوبنا اليومي أيا كان المريض فلو فعلنا ذلك لحصل الخطأ الطبي نتيجة التغيير عن المعتاد.

الفقيه ذكر اسم أحد الفنيين الذي ساعده بتحريك الآلة بإصبعه عندما انقطعت الكهرباء خلال إحدى العمليات منذ أكثر من 26سنة، وهو سعيد الزهراني، فلا يزال يذكره، وذكر اسم من فتح الصدر وأغلقه في عملية رئيس الوزراء العربي وهو الدكتور يحيى الفرائضي وكان الفرائضي متدربا آنذاك (وهذه رسالة لمن يحجب من يعملون معه وله!!).

الدكتور محمد بن راشد الفقيه هو رائد جراحة قلب الأطفال عربيا، وبدأ قبل غيره منذ عام 82م، وهو جراح القلب الذي أجرى أكثر من 6000جراحة قلب (العملية الأخطر)، وعمليات زراعة قلب ناجحة، وهو رئيس هيئة تحرير مجلتي جراحة قلب الأطفال في ايطاليا وأمريكا بترشيح منهم لتميزه، وهو عالميا من طور عملية إيقاف الدورة الدموية لدى الأطفال بالتثليج.

هذا الرجل قدرته القيادة ورجالات الوطن ومنح إمكانات النجاح ونجح نجاحا مميزا حقا ومفخرة لمملكة الإنسانية، لكن إعلامنا المحلي لم يسلط عليه الضوء المستحق، فمعظم ما أنجز لم يذكر ناهيك عن أن يبهرج ويبهر.!!

Exit mobile version