Site icon محمد سليمان الأحيدب

طلع أمك

تلك قضية خطيرة، مضنية رغم سهولة العلاج لو وجد في كل قطاع مسؤول صحي يحمل هم الناس بدلا من حمل همومه الخاصة.
يبلغ عدد المرضى المزمنين، الذين يحتاجون إلى عناية طبية وتمريضية متوسطة طويلة الأمد حوالي 620مريضاً سنويا في مدينة الرياض فقط ومثل هذا العدد في المدن الرئيسة وأقل منه بالتأكيد في مدن أخرى وقرى وهجر.

الرعاية الطبية المتوسطة للمرضى المزمنين جزء لا يتجزأ من الرعاية الصحية لا تقل أهمية عن الرعاية الأولية والرعاية المتقدمة، وإن كانت تختلف عنهما في أنها أسهل وأيسر وأقل تكلفة.

في القطاعات الخمسة التي تقدم خدمات صحية حكومية هناك بعض المديرين من الأطباء الذين ينقصهم التأهيل الإداري، والحنكة الإدارية، ويعانون من ارتفاع أنزيمات حب الذات في القلب، وانخفاض شديد في كريات الدم (البيضاء) التي تحمل هم المريض وأقاربه وهم الوطن أجمع، فما الذي حدث؟!.

أصبح كل من لديه مريض مزمن يعاني الأمرّين في إيجاد سرير في مستشفى حكومي، سواء كان المريض شابا ضحية لحادث أصابه بغيبوبة أو شيخ أصابته جلطة مفاجئة جعلته أسيرا لجهاز التنفس وأنبوب التغذية عن طريق الأنف، بل أصبح يطلب من أهالي المرضى المنومين إخراجهم على وجه السرعة وإحضار ممرضة للعناية بهم في المنزل، وإذا كان استقدام الممرضة سوف يستغرق أشهرا فلا بأس بخادمة تتلقى التدريب في المستشفى، المهم أن يخرج المريض فهم يعتبرون المريض المزمن خارج نطاق التغطية الطبية، فلا يهمهم إلا المرضى الذين هم في كامل وعيهم فيمدحون في المجالس ووسائل الإعلام، أما مريض الجلطات والغيبوبة فصامت والصامت لا حق له عند هؤلاء (إما أن تمدح في المجالس فترغب أو تنتقد في الإعلام فترهب!!).

قد لا تكفي هذه المساحة لتغطية جوانب هذه الإشكالية الوطنية الكبرى المتمثلة في رفض دخول المريض المزمن للمستشفى أو إخراجه منه رغم حاجته لرعاية طبية وتمريضية متخصصة، وعدم توفير مراكز رعاية طويلة الأمد، لكنني اختصرها بالأسئلة التالية التي اجزم أنها تنزف نزفا حارا ومؤلما من قلوب مئات الأقارب ممن قيل لهم (أخرج مريضك):

كيف يتجرأ مدير صحي محدود الصلاحيات ويمنح نفسه صلاحية حرمان شريحة كبيرة من المرضى من حق الرعاية الصحية التي كفلتها لهم الدولة بل ووردت في النظام الأساسي للحكم؟!.

أي عقلية إدارية تلك التي تريد من كل قريب لمريض أن يستقدم ممرضة فإن لم يجد فخادمة؟ وما أثر ذلك على المجتمع؟!، بل أين ادعاءاتهم بدعم مهنة التمريض وهم يغرسون مفهوم أن الخادمة بقليل من التدريب تغني عن الممرضة، وهل سيأتي يوم يطلب فيه من قريب المريض استقدام طبيب وإن لم يجد فسائق يدرب على الطب؟!.

Exit mobile version