Site icon محمد سليمان الأحيدب

السياحة بروح خط البلدة

في كل شأن يتعلق بالانطباع الأول والسمعة فإنه خير لك أن لا تستعجل البداية من أن تبدأ بداية ناقصة متواضعة تترك أثرا سلبيا وانطباعا سيئا تصعب إزالته، بل قد لا يزول مطلقا .
هذه القاعدة تنطبق (في ظني) على أشياء كثيرة مثل إقامة المعارض الدعائية، والوطنية، التي تهدف إلى ترك انطباع لدى الزائر وكذا المشاركات المختلفة على مستوى وطني في كافة المجالات .

وبطبيعة الحال فإن السياحة من أهم تلك المجالات لأنها تشتمل على كل أنواع الانطباعات: الانطباع عن البلد، الانطباع عن السكان، الانطباع عن الحكومة والانطباع عن الخدمات.

صناعة السياحة في المملكة لا يكفيها حماس هيئة أو فرد أو مجموعة أشخاص فهي تحتاج إلى منظومة وطنية متكاملة تعمل جميعا كوحدة واحدة، بنفس الحماس وبنفس الحيوية وأهم من ذلك، نفس الإحساس الوطني الذي يستهدف السائح المواطن والسائح الأجنبي سواء بسواء ليخرجا معا ولدى كل منهما الرغبة في إعادة التجربة مجددا في الموسم القادم .

لا يمكن أن تقوم للسياحة لدينا قائمة وخطوطنا الجوية تتعامل مع الرحلات الداخلية بنفس أسلوب تعامل سائق أتوبيس (خط البلدة)، الذي يركز على تجميع الركاب على حساب المواعيد، وتجميع النقود دون اكتراث بالنفسيات واحترام الزبون .

نفس الشيء ينطبق على الفنادق ووكلاء السياحة والطيران والمكاتب السياحية (إن صحت التسمية)، وسيارات الأجرة، والشقق الفندقية وخدمات الهاتف والإنترنت وشرائح الجوال …الخ

نجاح السياحة في المملكة يتطلب أمرين هامين:

الأول توفر درجة عالية من الاستعداد للتضحية والمجازفة لدى الجهات التجارية والخدمية آنفة الذكر بحيث تترك هامشا كافيا لاحتمالات فقدان حفنة من الريالات كثمن للثقة بالسائح والتسهيل عليه وهو في الواقع ثمن مستحق للوطن للإسهام في النجاح، فأكثر الدول فشلا في السياحة هي تلك التي تقيد السائح بيروقراطيا لضمان حق مقدم الخدمة.

الأمر الثاني هو أن تفرض الدولة على الجهات المذكورة تطبيق قاعدة (الزبون دائما على حق) وأن تقف مع السائح المواطن والزائر ضد من تسول له نفسه تشويه سمعة الوطن واستغلال السائح لتحقيق مصالح تتعارض مع سمعة السياحة في الوطن .

بدون بداية قوية كهذه أعتقد أنه من الخير لنا أن لا نبدأ، ولعل أقوى دليل على صحة ما ذكر أننا، مثل غيرنا من الشعوب، لا نسافر إلا بعد أن نسأل من ذهبوا قبلنا ونتحرى حول الانطباع عن البلد المقصود، واليوم أصبح الإنترنت هو مجلس تبادل الآراء والتشجيع أو الترهيب من بلد دون آخر سياحيا.

ولايقل أهمية عن ماذكر، بل يزيد، أن نجاح السياحة مرهون أولاً باحترام البلد للسائح الداخلي (المواطن) وتحقيق رضاه فبلد لا يرضي السائح من الداخل غير مؤهل لجذب السائح من الخارج.

Exit mobile version