فينا واحد يلعب

أشكال المعاناة التي يعاني منها مجتمعنا مثل خسائر المواطنين في سوق الأسهم، ومقاومة القطاع الخاص لخطوات السعودة ومشاكل تعيين المعلمات السعوديات في مناطق نائية بينما توظف المدارس الخاصة متعاقدات في المدن الرئيسية لأنهم لا يريدون توظيف السعودية إلا بأجر زهيد، وارتفاع الأسعار، وأشكال وممارسات القطاع الصحي الخاص، وحيل مكاتب الاستقدام، والغش التجاري بجميع صوره وأشكاله، والمخالفات الشنيعة للمطاعم واستخدامها لأغذية فاسدة وأماكن تحضير مقززة، وتحايل العقاريين في المساهمات العقارية، جميعها صور تدل على أن فرص الكسب التي يتيحها الوطن بسماحة وحرية ويسر تُستغل أسوأ استغلال من قبل بعض أو معظم التجار.
لقد اتضح جلياً أن الوطن يعطي بسخاء وهؤلاء يأخذون بشراهة ونهم وغياب ضمير، صحيح أن معاناة المواطن أو المستهلك في هذا الوطن المعطاء لا تقارن بغيره من دول العالم الثالث، وأن من الإنصاف القول إننا أفضل حالاً من كثير من مواطني دول أخرى، لكن يسر الحلول وسهولتها وكونها في متناول اليد يجعلنا أكثر إلحاحاً وأكثر مطالبة.

معظم المشاكل يمكن تلخيصها بالقول إن “فينا واحداً يلعب وفينا واحداً يعاني”، فالتاجر يلعب والمستهلك يعاني مع أن كل الظروف والمعطيات والأجواء مهيأة لأن يربح التاجر دون أن يلعب ويستفيد المستهلك دون أن يعاني!! وكل ما نحتاج إليه هو سرعة تفعيل أوامر ملك تخالط هموم شعبه أنفاسه، ويجري حبهم وعطفه عليهم في دمه.

ولعل أوضح الشواهد صدور باقة متكاملة من الأوامر الملكية بإنشاء هيئة حكومية لحماية المستهلك ولجنة مشابهة من الأهالي وفي نفس الوقت إعادة لهيكلة القضاء ومحاكم متخصصة وكل ذلك يصب في صالح الكسب دون لعب والاستفادة دون معاناة.

كل ما أتمناه واستناداً إلى التاريخ والتجارب السابقة والمشابهة أن لا يتدخل التجار في تشكيل وعمل لجنة حماية المستهلك لأن التجار إذا دخلوا لجنة أفسدوها ولأن ثمة تضارب مصالح واضحاً بين التاجر والحماية.

اترك رد