عبدالله .. كله بركة

الأجيال الحالية في حاجة إلى العبر ، والتذكير بالتنبؤات المبنية على فروسية الرجال ، وليس تنبؤات المنجمين ، والمؤسسة على قراءة طباع الأفذاذ وليس قراءة الكف.
اسمحوا لي بأن أستشهد بكلمة قالها لي والدي (رحمه الله) منذ حوالي ثلاثين سنة ، ليس لأنه والدي ، ولكن لكونه رجلاً عاصر الوطن منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن ( رحمه الله) ، ولأنه كان كهلا علمته سنوات الفقر والخوف والمرض كيف يحسن تقييم النعمة ، وليس استغلالا للزاوية في شأن شخصي ولكنه استغلال للحقيقة في شأن وطني.

كان والدي عسكرياً في الحرس الوطني (تقاعد وتوفي وهو برتبة وكيل رقيب ، بكل فخر) ولم يكن يجرؤ على قيادة السيارة في الرياض فاشترى لي سيارة وأنا في مرحلة الكفاءة (وانيت داتسون غمارة) وكنت أوصله صباحا إلى مقر عمله في ما كان يسمى آنذاك ( قراش الحرس ) في العود وأعيده منه بعد الظهر وأجالس زملاءه ولازلت أذكر أسماء بعضهم.

بيت القصيد أنه ما أن يصل مقر عمله لابد أن يلتفت إلي ويقول : “إذا تخرجت وأنا أبوك توظف في الحرس ، ترى عبدالله كله بركه ، مبروك وما جاء فيه تبارك” ولم تبارح عبارته تلك ذهني ومخيلتي ، ولا تزال ترن في أذني مثلما أن دلالاتها وشواهدها تتجسد واضحة في أنحاء وطني.

كنا ، أقصد جيلنا ، نقدس نصيحة الوالد ولا نخالفها لأننا كنا ندرك أن أحداً لن يخلص النصح لك أكثر من والديك ، وأنك لن تجد رجلا يمنحك عصارة خبرته وحكمته وتجربته في الحياة مثل والدك ، (أتمنى من شباب هذا الزمان أن لا يهملوا هذه الحقيقة الثابتة) لذا فبعد حصولي على الماجستير من جامعة الملك سعود عملت محاضرا لسنتين ثم انتقلت للعمل في الحرس الوطني.

البركة التي أيقن بها والدي لمسناها في كل شأن يتعلق بالملك عبدالله بن عبد العزيز ولعل أحد الأمثلة ميزانية هذا العام وهي الأكبر في تاريخ المملكة ، والتي شهدت أرقاما قياسية تسجل لأول مرة وركزت على التنمية والرعاية الصحية والتعليم والرعاية الاجتماعية ومحاربة الفقر فهذه الميزانية مع ماحققته المملكة من تحرك موفق على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والصناعية والاتفاقات الاقتصادية مع عدد من الدول الصديقة ، كلها شواهد وأمثلة تجسد تلك البركة التي طرحها الخالق سبحانه في راعٍ قام بمسؤوليته نحو رعيته بكل إيمان وامتثال لأمر ربه ، وإخلاص وبذل وجهد وحنية صادقة صافية.

عبدالله بن عبدالعزيز رجل مبارك أينما حل ، وفي أي أمر تدخل ، مبارك لوطنه ولأمته العربية والإسلامية وللعالم أجمع ، وهي بركة تلمسها في أفعاله التي تسبق أقواله ، وفي مشاعر قلبه كما هي في تعابير وجهه ، تلك التعابير التي تنطق إخلاصا وحبا لشعبه بلغة لم تكن قراءتها حكراً على والدي منذ ثلاثين سنة ، بل يستطيع كل ذي بصيرة أن يقرأها ، أما شواهدها ونتائجها فقد نظر لها الأعمى وأسمعت من به صمم محليا وعالميا.

رأي واحد على “عبدالله .. كله بركة

اترك رد