سنتان بلا وعود

على مدى عشرات السنين اتضح جليا أن مشكلتنا الأزلية مع انجازات الدوائر الحكومية والمؤسسات والوزارات، تتمثل في الحديث عن عمل شيء لم يعمل، ولن يعمل على المدى القريب.
بأسلوب إيضاحي آخر فإن كثيراً من المسؤولين وجد أن الحديث عن إنجاز ما، حتى لو لم يتحقق، لا يقل شأنا عن تحقيق الإنجاز، بل ربما يكفي عنه لأنه كفيل بتخدير الناس وإنعاش آمالهم وفي الوقت ذاته إشعار رئيسه أو الرقيب عليه أنه يعمل بديناميكية وحراك لا يتوقف، وإن كان حراك وعود بينما الوطن يستحق منا حراك عمل وإنتاج يساوي جزءاً مما أخذناه منه.

لأنني كغيري عشت الوضع عن قرب، ودققت كثيرا في العلاقة بين تاريخ صدور الوعد، والمدة المحدودة لتنفيذه، وحقيقة الوفاء به من عدمه فوجدت أن غالبية ما وعد به كثير من المسؤولين لم يتحقق بل كان آخر علمنا به يوم نشره!!.

لذا فإنني أقترح أن نتوقف عن الوعود مدة سنتين فقط، يمتنع خلالها (إجباريا) كل مسؤول عن شأن ما عن التصريحات التي تتحدث عن ما سيتم عمله والتبشير بانجازات قادمة، ونتحرى خلال هاتين السنتين رؤية الانجازات على ارض الواقع لتتحدث عن نفسها، ونحكم من خلال ما لمسناه على نجاح المسؤول في تحقيق تقدم من عدمه بناء على رؤية بالعين المجردة لانجاز حقيقي.

فقط عامان ( 24شهرا) لأن معظم الوعود والأماني التي بشرنا بها ولم تتحقق لم تتجاوز مدتها الموعودة سنتين، واغلبها اختصر هذه المدة فجعلها ستة أشهر وهو أمر طبيعي قياسا بكون الأمر برمته ضرباً من الخيال والوعود غير القابلة للتحقيق، فالحلم لا يستغرق ثواني معدودة تبلغ خلالها ذروة المتعة والسعادة لكنك تستيقظ فلا تجد للحلم أثرا ملموسا على الإطلاق عدا تأثرك به.

لقد أمضينا عشرات السنين نحكم على كل مسؤول وموظف ووزير بناء على ما يعد به، ويؤملنا به، ويؤلمنا بحقيقة نتائجه، فلماذا لا نجرب شيئا جديدا نقيس به القدرات عن طريق التوقف عن الوعود وتلمس الملموس حيث يكون الحكم مبنياً على بينة.

اترك رد